للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ صِيَامَ مِنًى لَا يَجُوزُ وَإِنَّ صِيَامَ السَّبْعَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْحَجِّ، فَتَكُونُ التَّفْرِقَةُ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِيَوْمٍ، وَقَدْرُ مَسَافَةِ الطَّرِيقِ إِذَا قِيلَ إِنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى يَجُوزُ وَصِيَامُ السَّبْعَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ إِلَى الْوَطَنِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَقَدْرِ مَسَافَةِ الطَّرِيقِ إِذَا قِيلَ الَّذِي لَا يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَلَا يَصُومُ السَّبْعَةَ إِلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَا وَاجِبَةٌ، فَتَابَعَ بَيْنَ صِيَامِهَا وَوَصَلَ السَّبْعَةَ بِالثَّلَاثَةِ، أَجْزَأَهُ مِنْ ذَلِكَ صِيَامُ الثَّلَاثَةِ، فَأَمَّا صِيَامُ السَّبْعَةِ فَلَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا اسْتَحَقَّ فِطْرَهُ عَنْهَا، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يُسْقِطَ مِنْهَا قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّ مِنَ التَّفْرِقَةِ، عَلَى الْأَقَاوِيلِ الْمَاضِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ السَّبْعَةِ شَيْءٌ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صِيَامَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ أَنْ يَكْمُلَ زَمَانُ التَّفْرِقَةِ، وَإِنْ بقي منها شيء أما ستة أيام إذا قيل: إن الواجب أن يفرق بَيْنَهَا بِيَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِذَا قِيلَ: إن الواجب أن يفرق بينها بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَطَرَ فِي حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لم يفطر احتسب له مَا بَقِيَ مِنَ السَّبْعَةِ بَعْدَ التَّفْرِقَةِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ صِيَامَ مَا بَقِيَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفْطَرَ، فَهَلْ يُحْتَسَبُ لَهُ بِصِيَامِ مَا بَقِيَ مِنَ السَّبْعَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ مِنْ صِيَامِهَا:

أَحَدُهُمَا: يُحْتَسَبُ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْهَا، إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْمُتَابَعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَيَتِمُّ صِيَامُ السَّبْعَةِ وَيُجْزِئُهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحْتَسَبُ لَهُ بِمَا بَقِيَ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُتَابَعَةَ وَاجِبَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صِيَامَ السَّبْعَةِ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي السَّبْعَةِ، فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ: فَتُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ، إِلَّا أَبَا سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنْ نَوَى التَّتَابُعَ بَعْدَ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ أَجْزَأَتْهُ الثَّلَاثَةُ؛ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي السَّبْعَةِ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنَّ نَوَى التَّتَابُعَ فِي صِيَامِ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ دُخُولِهِ فِيهَا، لَمْ تُجْزِهِ الثَّلَاثَةُ وَلَا السَّبْعَةُ، وَلَزِمَهُ اسْتِئْنَافُ الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ فَسَادُ نِيَّتِهِ قَادِحًا فِي صَوْمِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَفْرِيقَ الصَّوْمِ وَمُتَابَعَتَهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ، فَلَوْ فَرَّقَ صِيَامَهُ وَلَمْ يَنْوِ كَانَ مُفَرَّقًا، وَلَوْ تَابَعَ وَلَمْ يَنْوِ كَانَ مُتَابِعًا، وَإِذَا لَمْ تَكُنِ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّفْرِقَةِ، لَمْ تَكُنْ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ قَادِحَةٌ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَ وُجُودِ التَّفْرِقَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ طُرُوءَ الْفَسَادِ عَلَى صَوْمِ بَعْضِ الْأَيَّامِ، لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الصَّوْمِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ، فَصَوْمُ رَمَضَانَ، إِذَا أَفْطَرَ فِي بَعْضِهِ، لِأَنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ حُكْمُ نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ فَسَادُ صَوْمِ السَّبْعَةِ قَادِحًا فِي صِحَّةِ صَوْمِ الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>