[(فصل: محاكمة القاضي خصمه)]
فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ مُحَاكَمَةَ خَصْمٍ جَازَ أَنْ يُحَاكِمَهُ إِلَى قُضَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ وُلَاةٌ فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ صَدَرَتْ عَنْهُ وِلَايَاتُهُمْ. قَدْ حَاكَمَ عَلِيٌّ يَهُودِيًّا فِي دِرْعٍ إِلَى شُرَيْحٍ وَهُوَ قَاضِيهِ.
فَأَمَّا إِنْ حَاكَمَ الْإِمَامُ خَصْمَهُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ جَازَ، ثُمَّ نُظِرَ، فَإِنْ قَلَّدَهُ خُصُوصَ هَذَا النَّظَرِ صَارَ قَاضِيًا خَاصًّا قَبْلَ التَّرَافُعِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ رِضَا الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ النَّظَرُ قَبْلَ التَّرَافُعِ اعْتُبِرَ فِيهِ رِضَا الْخَصْمِ.
فَأَمَّا الْقَاضِي إِذَا أَرَادَ مُحَاكَمَةَ خَصْمٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ، جَازَ أَنْ يُحَاكِمَهُ إِلَى الْإِمَامِ أَوْ إِلَى مَنْ يَرُدُّ إِلَيْهِ الْإِمَامُ الْحُكْمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ.
وَإِنْ بَعُدَ عَنْ بَلَدِ الْإِمَامِ وَعَنْ بَلَدٍ فِيهِ قَاضٍ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ وَأَرَادَ أَنْ يُحَاكِمَ خَصْمَهُ إِلَى خَلِيفَتِهِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا لِلْإِمَامِ مُحَاكَمَةُ خَصْمِهِ إِلَى خَلِيفَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْقُضَاةِ خُلَفَاءُ الْإِمَامِ وَلَيْسَ كل القضاء خُلَفَاءَ هَذَا الْقَاضِي، فَجَازَ لِلْإِمَامِ مَا لَمْ يجز لهذا القاضي والله أعلم. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute