للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَسَوَاءً كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكَثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ أَقَلَّ لِبُطْلَانِ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ كَالْمَغْصُوبِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ عَلَيْهِ غُرْمَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقْتَ الْقَبْضِ بِالْمِثْلِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ بِالْعِوَضِ دُونَ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا مَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْفَسْخِ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ نِتَاجٍ فَكُلُّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يَلْزَمَهُ رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لَهُ حِينَ اسْتَغَلَّهُ وَإِنَّمَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمَا حَدَثَ مِنَ الْفَسْخِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إِذَا تَحَالَفَا أَنْ يَرُدَّ الْمَهْرَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا فَتَصِيرَ بِوَطْئِهِ ثَيِّبًا فَيَلْزَمُهُ لِلْبَائِعِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَلَوْ كَانَ قَدْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنَ التَّحَالُفِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَلَكِنْ إِذَا تَفَاسَخَا بالتحالف رجع عليه بقيمتها. إذا أولد أو أعتق وكذلك لو كان بَاعَهَا لَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا. وَلَوْ كَانَ قَدْ أَجَّرَ مَا ابْتَاعَهُ أَوْ كانت أمة فزوجها ثُمَّ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لَمْ تَبْطُلِ الْإِجَارَةُ وَلَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَوَلَّاهُ مَالِكٌ حِينَ الْعَقْدِ وَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي لِاسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ، لَكِنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْأَمَةِ فِيمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا خَلِيَّةً وَذَاتَ زَوْجٍ وَفِي الْمُؤَاجِرِ فِيمَا بين قيمته مطلقا أو مؤاخرا فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ رَهَنَهُ فَتَحَالَفَا أَوْ تَفَاسَخَا جَازَ وَلَمْ يَنْفَسِخِ الرَّهْنُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُؤَاخِذَ الْمُشْتَرِيَ بِفِكَاكِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ أَمْ لَا. عَلَى وَجْهَيْنِ: كَمَنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي رَهْنِ عَبْدِهِ فَلَوْ بِيعَ فِي الرَّهْنِ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ، وَإِنِ افْتَكَّهُ مِنْهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ. وَإِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِهِ وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى دَعْوَاهُ بِعِتْقِهِ فَلَا حُكْمَ لِهَذِهِ الْيَمِينِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ. وَإِذَا تَحَالَفَا بِاللَّهِ تَعَالَى وَعَادَ الْعَبْدُ إِلَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ عُتِقَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ عُتِقَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِنْثِهِ، وَلَوْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي بِمَا قَالَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ ثَمَنِهِ أَوْ قَبْلَهَا أُعْتِقَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَدْ أَحْنَثَ نَفْسَهُ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ، وَلَوْ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ إِلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ قَبْلَ يَمِينَهُ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يُعْتَقِ الْعَبْدُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ عَلَى مَا حَلَفَ وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَمَّا حَنَثَ بِعِتْقِهِ فَإِنْ رُدَّ الْعَبْدُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ عُتِقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِحِنْثِهِ وَإِذَا ابْتَاعَ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ عَبْدًا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْوَكِيلُ وَالْبَائِعُ فِي ثَمَنِهِ فَهَلْ يَكُونُ التَّحَالُفُ لِلْبَائِعِ وَالْوَكِيلِ أَوِ الْمُوَكِّلِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ لِأَنَّهُ الْمُتَوَلِّي لِلْعَقْدِ وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ عَنِ الْيَمِينِ صَارَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَهُ دُونَ مُوَكِّلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>