للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهَا: جَوَازُ التَّصْغِيرِ فِي الْأَسْمَاءِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ مَالِكٍ بِحِجَارَةِ الْحَرَمِ وَأَشْجَارِهِ، فَهُوَ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْحَرَمِ، فَلَزِمَ رَدُّهَا إِلَيْهِ، وَلَيْسَ الصَّيْدُ مِنَ الْحَرَمِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِيهِ، فافترقا.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ تَحَوَّلَ مِنْ بُرْجٍ إِلَى برجٍ فَأَخَذَهُ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا ملك طائراً إنسياً فطار فَطَارَ مِنْ بُرْجِهِ إِلَى برجٍ غَيْرِهِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْهُ مَنْ طَارَ إِلَى بُرْجِهِ بِوِفَاقِ مَالِكٍ، وَلَوْ صَادَ طَائِرًا وَحْشِيًّا، فَطَارَ مِنْ بُرْجِهِ إِلَى بُرْجِ غَيْرِهِ كَانَ عِنْدَنَا بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ سَوَاءٌ أَنِسَ بِبُرْجِهِ أَوْ لَمْ يَأْنَسْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَنِسَ بِبُرْجِهِ لِطُولِ الْمُكْثِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْنَسْ بِطُولِ الْمُكْثِ صَارَ مِلْكًا لِمَنِ انْتَقَلَ إِلَى بُرْجِهِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى بُرْجِ الْأَوَّلِ عَادَ إِلَى مِلْكِهِ.

وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ.

فَأَمَّا إِذَا سَقَطَ طَائِرٌ وَحْشِيٌّ عَلَى بُرْجِ رَجُلٍ لَمْ يَمْلِكْهُ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَلِفَهُ أَوْ لَمْ يَأْلَفْهُ حَتَّى يَصِيرَ تَحْتَ قُدْرَتِهِ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابًا أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ قَفَصًا، فَيَصِيرَ مِلْكًا لَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ إِذَا وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنْ أَفْرَخَ هَذَا الطَّائِرُ فِي بُرْجِهِ كَانَ حُكْمُ فِرَاخِهِ كَحُكْمِهِ إِنْ مَلَكَهُ مَلَكَ فِرَاخَهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمْ يَمْلِكْ فِرَاخَهُ، وَكَذَلِكَ بَيْضُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَقَّ بِأَخْذِهِمَا من غيره لملك الموضع، فإن أخذه غير مَلَكَهُ الْآخِذُ لَهُ دُونَهُ، وَإِنْ تَعَدَّى بِدُخُولِهِ إلى ملكه.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ أَصَابَ ظَبْيًا مُقْرَطًا فَهُوَ لِغَيْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ عَلَى الصَّيْدِ أَثَرُ مِلْكٍ أَوْ يَدِ آدَمِيٍّ مِنْ قرطٍ أَوْ مَيْسِمٍ أَوْ خِضَابٍ أَوْ قِلَادَةٍ لَمْ يَمْلِكْهُ صَائِدُهُ؛ لِخُرُوجِهِ عَنْ صِفَةِ الْخِلْقَةِ إِلَى آثَارِ الْمِلْكِ، فَخَرَجَ بِهِ عَنْ حُكْمِ الإباحة إلى حكم الحظر، وقد روي أو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بِظَبْيٍ وَاقِفٍ فِيهِ أَثَرٌ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَمَنَعَهُمْ وَقَالَ: " حَتَى يَجِيءَ صَاحِبُهُ " وَإِذَا لَمْ يَمْلِكُهُ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ بَعْدَ صَيْدِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أحوالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ صَارَ فِي يَدِهِ حَيًّا، فَهُوَ فِي حُكْمِ اللقطة، من ضوال الحيوان يعرفها ولا يضمها، فَإِنْ أَرْسَلَ الصَّيْدَ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ ضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيةُ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي شَبَكَتِهِ أَوْ شَرَكِهِ، فَلَا يَلْزَمَهُ تَعْرِيفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ، وَإِنْ حَلَّ الشَّبَكَةَ عَنْهُ، فَاسْتَرْسَلَ وَامْتَنَعَ لَمْ يَضُمُّهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ جَرَى عَلَى مَا فِي الشَّبَكَةِ حُكْمُ يَدِهِ مِنْ مِلْكِ الصَّيْدِ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهَا حُكْمُ يَدِهِ مِنَ الضَّمَانِ وَالتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْهَا لِهَذَا الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا وَضَعَهَا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>