إِلَى نَفْسِهِ، وَالدَّعْوَى تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: مُدَّعٍ، مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَمُدَّعًى بِهِ، وَمُدَّعًى عِنْدَهُ.
فَأَمَّا الْمُدَّعِي: فَهُوَ الطَّالِبُ مِنْ غَيْرِهِ شَيْئًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ.
وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: فَهُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ شَيْئًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ.
وَفَرْقُ مَا بَيْنَ الطَّالِبِ، وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُ، أَنَّ الطَّالِبَ إِذَا تَارَكَ تُرِكَ وَالْمَطْلُوبَ إِذَا تَارَكَ لَمْ يُتْرَكْ.
وَأَمَّا الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ. وَأَمَّا الْمُدَّعَى عِنْدَهُ فَهُوَ مَنْ نَفَذَ حُكْمُهُ مِنْ قَاضٍ أَوْ أَمِيرٍ.
(فَصْلٌ)
: وَالدَّعْوَى عَلَى سِتَّةٍ أَضْرُبٍ: صَحِيحَةٌ، وَفَاسِدَةٌ، وَمُجْمَلَةٌ، وَنَاقِصَةٌ، وَزَائِدَةٌ، وَكَاذِبَةٌ.
فَأَمَّا الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ فَضَرْبَانِ: دَعْوَى اسْتِحْقَاقٍ، وَدَعْوَى اعْتِرَاضٍ.
فَأَمَّا دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَى عَيْنٍ فِي الْيَدِ.
وَالثَّانِي: إِلَى مَالٍ فِي الذِّمَّةِ.
فَأَمَّا تَوَجُّهُ الدَّعْوَى إِلَى عَيْنٍ فِي الْيَدِ فَضَرْبَانِ: مَنْقُولٌ، وَغَيْرُ مَنْقُولٍ فَأَمَّا الْمَنْقُولُ فَضَرْبَانِ: حَاضِرٌ، وَغَائِبٌ.
فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمَنْقُولَةُ حَاضِرَةٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ، أَغْنَتِ الْإِشَارَةُ عَنْ صِفَتِهَا، وَعَنْ ذِكْرِ قِيمَتِهَا
فَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي غَصْبٍ صَحَّتِ الدَّعْوَى، إِذَا قَالَ غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي وَدِيعَةٍ فَقَالَ: أَوْدَعْتُهُ هَذَا، وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي ابْتِيَاعٍ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا دَعْوَى الْعَقْدِ، كَانَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى ذِكْرُ قَدْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا انْتِزَاعُهُ مِنْ يَدِهِ كَانَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ، وَقَدْ مَنَعَهُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَ الثَّمَنِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمَنْقُولَةُ غَائِبَةً، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْحِنْطَةِ، اقْتُصِرَ فِي تَعْيِينِهَا عَلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ، ثُمَّ صار الحكم فيها كالعين والحاضرة، وإن كانت من غير ذوات المثال، كَالْجَوَاهِرِ لَزِمَهُ فِي تَعْيِينِهَا ذِكْرُ الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَمَا يُضْبَطُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهَا فَإِنْ كَانَتْ وَدِيعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ ذِكْرُ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَةً أَوْ غَصْبًا لَزِمَهُ فِي التَّعْيِينِ ذِكْرُ قِيمَتِهَا، لِضَمَانِ الْعَارِيَةِ وَالْغَصْبِ بِالْقِيمَةِ،