للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمَّا أُشْكِلَ مُسْتَحِقُّهُ، وَقَدِ اسْتَوَيَا فِيهِ جُعِلَ بَيْنِهِمَا كَذَلِكَ الصَّيْدُ، وَإِنْ أَوْجَبَ افْتِرَاقُهُمَا فِي رَمْيِهِ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا لَا يَمْتَنِعُ مَعَ الْإِشْكَالِ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهِ تَحَالَفَا عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا كَانَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْحَالِفِ مِنْهُمَا.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يُعْلَمَ الْمُتَقَدِّمُ بِالرَّمْيِ وَتُشْكَلَ صِفَةُ الرَّمْيِ، فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ.

وَصُورَتُهَا: أَنْ يُعْرَفَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، وَيُشْكَلَ هَلْ أَثْبَتَهُ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّانِي، فَيُرْجَعَ فِيهِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالظَّاهِرِ فَأَوَّلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالظَّاهِرِ أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُ وُقُوفِهِ، فَإِنْ وَقَفَ عِنْدَ رَمْيَةِ الْأَوَّلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَثْبَتَهُ دُونَ الثَّانِي.

وَإِنْ وَقَفَ عَنْ رَمْيَةِ الثَّانِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَ أَثْبَتَهُ دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اعْتِبَارِ الْوُقُوفِ بَيَانٌ اعْتُبِرَ بَعْدَهُ صِفَةُ الرمي، فإن كانت الأولة فِي مَقْتَلٍ، وَالثَّانِيةُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَثْبَتَهُ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتِ الأولة فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَالثَّانِيةُ فِي مَقْتَلٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَ أَثْبَتَهُ دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتِ الأولة فِي مَقْتَلٍ، وَالثَّانِيةُ فِي مَقْتَلٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الأول أثبته دون الثاني، وإن كانت الأولة فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَالثَّانِيةُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، فَهِيَ حَالَةُ إِشْكَالٍ؛ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ إِثْبَاتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَهُمَا فِي الْجَوَازِ عَلَى سَوَاءٍ، وَقَدِ انْتَفَى الْإِشْكَالُ عَمَّا تَقَدَّمَهُ فِي الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى إِثْبَاتِ الْأَوَّلِ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ، وَصَارَ الثَّانِي جَارِحًا تُعْتَبَرُ صِفَةُ جِرَاحَتِهِ فِي الْأَكْلِ، وَالْغُرْمِ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى إِثْبَاتِ الثَّانِي كَانَ هُوَ الْمَالِكَ، وَتَكُونُ جِرَاحَتُهُ ذَكَاةً سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَحَلِّ الذَّكَاةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَكَانَتْ جِرَاحَةُ الْأَوَّلِ هَدَرًا؛ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى مِلْكِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ تُضَفْ إِلَى إِثْبَاتِ أَحَدِهِمَا؛ لِبَقَاءِ الْإِشْكَالِ تَعَلَّقَ بِإِشْكَالِهِ حُكْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْمِلْكِ.

وَالثَّانِي: فِي إِبَاحَةِ الْأَكْلِ.

فَأَمَّا الْمَلِكُ، فقد نص الشافعي هاهنا أن يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ مِنْ نَصِّهِ، وَتَعْلِيلًا بِتَكَافُئِهِمَا فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ أَنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي مِنْهُمَا؛ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ إِثْبَاتِهِ فِي رَمْيَةِ الثَّانِي، وَفِي شَكٍّ مِنْ إِثْبَاتِهِ بِرَمْيَةِ الْأَوَّلِ، تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُلْحَقًا بِالْيَقِينِ دُونَ الشَّكِّ وَلِمَنْ قَالَ بِهَذَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ جَوَابَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>