للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَفِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُضْمَرٌ مَحْذُوفٌ، وَلَكِنْ حُمِلَ اخْتِلَافُهُمَا عَلَى عُمُومِ ظَاهِرِهِ، لِأَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ مِنْ حُرَّةٍ حُرٌّ، لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ وَوَلَدُهُ مِنْ أَمَةِ السَّيِّدِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ مِلْكٌ لَهُ يُعْتَقْ بِعِتْقِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي السَّيِّدِ، إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ، ثُمَّ كَاتَبَ الْعَبْدَ وَبَاعَ عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ، فَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا بِابْتِيَاعِهِ، وَيَكُونُ أَوْلَادُهُ قَبْلَ الِابْتِيَاعِ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ، وَبَعْدَ الِابْتِيَاعِ مِلْكًا لَهُ يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْوَلَدِ فَقَالَ السَّيِّدُ: وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِابْتِيَاعِ فهو عبدي، وقال المكاتب: بلد وَلَدَتْهُ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ فَهُوَ مِلْكِي، وَيُعْتَقُ بِعِتْقِي، وَأُمْكِنَ مَا قَالَا، فَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُمِلَ عَلَيْهَا، وَبَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ شَاهِدَانِ لَا غَيْرَ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ عِتْقٍ، وَبَيِّنَةُ السَّيِّدِ شَاهِدَانِ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ مِلْكٍ، فَإِنْ عَدِمَا الْبَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ دُونَ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ مِلْكًا وَلَهُ عَلَيْهِ يَدٌ، فَصَارَ بِيَدِهِ أَقْوَى مِنَ السَّيِّدِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ حَيْثُ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ حَيْثُ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَمْلِكُ وَلَدَهَا، فَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهَا عَلَيْهِ تَأْثِيرٌ، وَالْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ وَلَدَهُ فَكَانَ لِيَدِهِ عَلَيْهِ تَأْثِيرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>