للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِ الْجَحُودِ إِلَّا بِالْإِشْهَادِ فَصَارَ الْوَكِيلُ بِتُرْكِ الْإِشْهَادِ مُفَرِّطًا فَيَضْمَنُ بِهِ كَمَا يَضْمَنُ بِالْخِيَانَةِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا لِدَفْعِ الْوَكِيلِ فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَكِيلِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إِذَا حَضَرَ كَانَ هُوَ الْمُسْتَوْفِيَ الْمُسْتَوْثِقَ لِنَفْسِهِ بِالْإِشْهَادِ فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْوَكِيلِ تَفْرِيطٌ يَضْمَنُ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُهُ فِي الدفع الإشهاد لأن ما كان من شروطه مَعَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، كَانَ مِنْ شُرُوطِهِ مَعَ حُضُورِهِ، وَلَيْسَ مَا أَنْفَقَ مِنْ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ بِمُسْقِطٍ لِحَقِّ الِاسْتِيثَاقِ عَنِ الْوَكِيلِ.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ عَيْنًا مَضْمُونَةً فِي يد الموكل كالعواري والغصوب، فيدعي الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إِلَى رَبِّهَا وينكر بها ذَلِكَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَوْلُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الدَّفْعِ. وَلِصَاحِبِ الْعَارِيَّةِ وَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ صَاحِبُهُ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ تَثْبُتُ لَهُ يَدٌ عَلَى عَيْنِ مَالٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ لِلْوَكِيلِ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ يَدٌ عَلَى عَيْنِ مَالِ رَبِّ الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ فَكَانَتْ يَدُ الْوَكِيلِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ كَالْمُوَكِّلِ. فَإِنْ رَجَعَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ بِالْغُرْمِ عَلَى الْمُوَكِّلِ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى الدَّفْعِ.

وَإِنْ صَدَّقَهُ وَكَانَ غَائِبًا عَنِ الدَّفْعِ، رَجَعَ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

وَإِنْ رَجَعَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ بِالْغُرْمِ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَرْجِعِ الْوَكِيلُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ إِنْ كَذَّبَهُ وَلَا إِنْ صَدَّقَهُ وَكَانَ غَائِبًا. وَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

(فَصْلٌ)

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَدِيعَةً فِي يَدِ الموكل فلا يخلو حال رب الوديعة أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ المودع أَنْ يُوَكِّلَ فِي رَدِّهَا وَإِمَّا لَا.

فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ، فَقَوْلُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الرَّدِّ وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ لِلْوَدِيعَةِ. وَهَلْ يَكُونُ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لَهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْوَكِيلِ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى رَدِّهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي رَدِّهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: -

<<  <  ج: ص:  >  >>