وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ أَخْبَارُهُمْ فِي الدِّينِ كَالصِّبْيَانِ. وَالْكُفَّارِ. وَالْفُسَّاقِ. فَفِي كَوْنِهِ لوث وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَوْثًا لِوُقُوعِ صِدْقِهِمْ فِي النَّفْسِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ لَوْثًا لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الشَّرْعِ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " أَوْ يَشْهَدُ عَدْلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما ادعى وليه) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ سَابِعٌ مِنَ اللَّوْثِ. وَهُوَ وُجُودُ الْعَدَالَةِ وَنُقْصَانُ الْعَدَدِ كَمَا كَانَ مَا تَقَدَّمَهُ، وُجُودُ الْعَدَدِ الزَّائِدِ مَعَ نُقْصَانِ الْعَدَالَةِ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِالْقَتْلِ عَدْلٌ وَاحِدٌ فَيُحْكَمُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ شَهَادَتِهِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي خَطَأٍ مَحْضٍ، أَوْ عَمْدِ الْخَطَأِ، فَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْمَالِ، وَالْمَالُ يُحْكَمُ فِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَحْلِفُ فِيهِ الْمُدَّعِي يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَكُونُ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ بَيِّنَةً عَادِلَةً، وَلَا يَكُونُ لوثاً.
إذا كَانَتِ الدَّعْوَى فِي قَتْلِ عَمْدٍ فَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَوْثٌ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيُحْكَمُ لَهُ بِأَيْمَانِهِ لَا بِالشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِعَمْدٍ، وَلَا خَطَأٍ فَفِي جَوَازِ الْقَسَامَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا قَسَامَةَ مَعَهُ: لِلْجَهْلِ بِمُوجِبِهَا فِي قَتْلِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحْكَمُ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ الْقَتْلُ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ، وَلَا تَمْتَنِعُ الْقَسَامَةُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُحْكَمُ لَهُ بَعْدَ الْقَسَامَةِ بِأَخَفِّهِمَا حُكْمًا، وَهُوَ الْخَطَأُ لَكِنْ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا يُسْتَحَقُّ فِي مَالِهِ.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ مِنْ عُدُولِ النِّسَاءِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً إِنْ حَلَفَ وَلَا لَوْثًا لِنَقْصِهَا عَنْ رُتْبَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ. وَلَوْ شَهِدَ بِهِ مِنْ عُدُولِهِمُ امْرَأَتَانِ لَمْ تَكُونَا بَيِّنَةً إِنْ حَلَفَ مَعَهُمَا فِي الْخَطَأِ وَكَانَا لَوْثًا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ، لَكِنْ يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ خَمْسِينَ يَمِينًا لِيُحْكَمَ لَهُ بِأَيْمَانِهِ لِكَوْنِهِمَا لَوْثًا.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ قَتَلَ هَذَا الْقَتِيلَ، لَمْ تَكُنْ هَذِهِ بَيِّنَةً بِالْقَتْلِ، لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ فِيهَا عَلَى الْقَاتِلِ، وكانت لوثا يوجب القسامة، للولي أَنْ يُقْسِمَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ خَصَّتْ أَحَدَهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ: أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أحد هذين القتلين لَمْ تَكُنْ فِي شَهَادَتِهِمَا بَيِّنَةً وَلَا لَوْثًا، وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ لَوْثَ الْقَسَامَةِ مَا تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَقْتُولُ وَجُهِلَ فِيهِ القاتل، لأن