مِنَ الْمُزَنِيِّ وَهِمَ فِيهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْبَيْعَ إِذَا بَطَلَ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ إِمْضَاؤُهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ فِي إِمْضَاءِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ إِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ الرَّهْنِ وجواز البيع.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ لَا يُبَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ إِلَّا بِمَا يُرْضِي الرَّاهِنَ أَوْ حَتَى يَبْلُغَ كَذَا أَوْ بَعْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ بِشَهْرٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا حَتَى لَا يَكُونَ دُونَ بَيْعِهِ حائل عند محل الحق ".
قال الماوردي: وقد ذَكَرْنَا أَنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي يَمْنَعُ مِنْهَا الرَّهْنُ ضربين:
أَحَدُهَا: شُرُوطٌ نَاقِصَةٌ.
وَالثَّانِي: شُرُوطٌ زَائِدَةٌ.
فَأَمَّا الشُّرُوطُ النَّاقِصَةُ: فَهِيَ مَا شَرَطَهَا الرَّاهِنُ لِنَفْسِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الشُّرُوطُ الزَّائِدَةُ فَهِيَ مَا شَرَطَهَا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ نَاقِصًا كَاشْتِرَاطِ الرَّاهِنِ لِنَفْسِهِ أَنْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بِمَا يَرْضَى، أَوْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بِمَا سَمَّى، أَوْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بَعْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ بِشَهْرٍ، أَوْ لَا يُبَاعَ مِنْهُ إِلَّا الْبَعْضُ فَهَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمُنَافَاتِهِ الرَّهْنَ، لِأَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ بَيْعَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الحق، رضي الراهن أو لم يرض، ويثمن مِثْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ، وَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ وَالشَّرْطُ إِذْنًا فِي الْعَقْدِ لَوَجَبَ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ، وَإِذَا صَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا بِأَنَّ الشَّرْطَ وَالْعَقْدَ بَاطِلَانِ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ.
وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ زَائِدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَالُهُ، فَإِذَا بَطَلَ الشَّرْطُ كَانَ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ كَالشَّرْطِ فِي النَّاقِصِ.
وَالثَّانِي: الرَّهْنُ جَائِزٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ النَّاقِصِ وَالشَّرْطِ الزَّائِدِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّاقِصَ قَدْ أَسْقَطَ بَعْضَ مُوجِبَاتِ الرَّهْنِ فَأَبْطَلَهُ، وَالزَّائِدَ قَدِ اسْتَوْفَى مَعَهُ مُوجِبَاتِ الرَّهْنِ فَلَمْ يُبْطِلْهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ النَّاقِصَ مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ فِي الْحَالِ، وَالزَّائِدَ مُنْتَظَرٌ فِي ثَانِي الْحَالِ، فَصَارَ الرَّهْنُ بِالشَّرْطِ النَّاقِصِ مُقْتَرِنًا ومن الشرط خاليا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute