للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْفَعَةً وَلَا يَنْقُصُ قِيمَةً، وَهَذَا خَطَأٌ بَلْ فَقْدُهُ نَقْصٌ لِأَنَّ تَجْعِيدَ الشَّعْرِ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ الْجِسْمِ وَفَقْدِهِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الْجِسْمِ وَلِأَنَّهُ أَحْسَنُ فِي النَّظَرِ وَأَزْيَدُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنِ ابْتَاعَهَا فَلَمْ يَرَ وَجْهَهَا فَفِي بُطْلَانِ الْمَبِيعِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِيمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ كَسَائِرِ الْجَسَدِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ أَصَحُّ لِأَنَّ الشَّعْرَ تَبَعٌ فَلَمْ يَكُنْ فَقْدُ رُؤْيَتِهِ مُبْطِلًا لِلْبَيْعِ فَعَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهَا جَعْدَةُ الشَّعْرِ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ فَقْدَ الرُّؤْيَةِ وَعَدَمَ الرُّؤْيَةِ يَمْنَعَانِ مِنَ الرَّدِّ فِيمَا لَيْسَ يَنْقُصُ عَنْ حَالِ السَّلَامَةِ فَإِنْ كَانَ وُجُودُهُ زِيَادَةً كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَظَنَّهُ كَاتِبًا وَكَانَ غَيْرَ كاتب لم يكن له الرد ولكن لو اشترط أَنَّهَا جَعْدَةٌ كَانَ لَهُ الرَّدُّ لِأَجْلِ الشَّرْطِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ فَبَانَ غَيْرَ كَاتِبٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ كَاتِبٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ الرَّدَّ.

فَصْلٌ:

وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا سَبْطَةٌ فَكَانَتْ جَعْدَةً فَفِي اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ تَجْعِيدَ الشَّعْرِ زِيَادَةٌ وَاشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ سَبْطًا إِنَّمَا هُوَ لِطَلَبِ الرُّخْصِ أَوْ لِسُوءِ الِاخْتِيَارِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لَهُ الرَّدَّ لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ.

فَصْلٌ:

وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَكَانَتْ ثَيِّبًا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوِ اشْتَرَاهَا يَظُنُّهَا بِكْرًا وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الثَّيِّبَ سَلِيمَةٌ وَالْبَكَارَةُ زِيَادَةٌ وَلَوِ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَكَانَتْ بَكْرًا فَفِي اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا رَدَّ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ زِيَادَةٌ.

وَالثَّانِي: لَهُ الرَّدُّ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَلَكِنْ لَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً وكان شعرها أبيضا كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ سَوَادَ الشَّعْرِ لِأَنَّ بَيَاضَ الشَّعْرِ نَقْصٌ وَلَوِ اشْتَرَاهَا على أن شعرها أبيض فكان أسودا كَانَ فِي الرَّدِّ وَجْهَانِ.

فَصْلٌ:

إِذَا اشْتَرَى أَمَةً فَكَانَتْ زَانِيَةً أَوْ بِفَمِهَا بَخَرٌ، فَهَذَانِ عَيْبَانِ وَلَهُ فِيهِمَا الرَّدُّ لِأَنَّ الزِّنَا يُفْسِدُ النَّسَبَ وَيُوجِبُ الْحَدَّ وَبَخَرُ الْفَمِ يَمْنَعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَيُوكِسُ الثَّمَنَ، وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَكَانَ زَانِيًا أَوْ فِي فَمِهِ بَخَرٌ كَانَ عَيْبًا وَلَهُ الرَّدُّ.

وَقَالَ أبو حنيفة الزِّنَا وَبَخَرُ الْفَمِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعَبْدِ هُوَ الْعَمَلُ وَالزِّنَا وَالْبَخَرُ لَا يُؤَثِّرَانِ فِي عَمَلِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ مَا كَانَ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ كَانَ عَيْبًا فِي الْعَبْدِ كَالسَّرِقَةِ وَلِأَنَّ زِنَا الْعَبْدِ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهُ وَبَخَرُ فَمِهِ يَمْنَعُ مِنِ مُقَارَبَتِهِ وَيُؤْذِي عِنْدَ مُجَالَسَتِهِ وَلَكِنْ لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ أَمَةً، فَكَانَتْ وَلَدَ زِنَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا يوجب الرد لأن أكثر الرقيق أولاد زنية وَلَيْسَ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ فِي أَثْمَانِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>