للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان محظوراً فزكاته واجبة، فأما اتخاذها لِلِادِّخَارِ لَا لِلِاسْتِعْمَالِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا.

مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمَا: أَنَّهُ مَحْظُورٌ، لِأَنَّ ادِّخَارَهُ يَدْعُو إِلَى اسْتِعْمَالِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مُبَاحٌ، لِأَنَّ النَّهْيَ تَوَجَّهَ إِلَى الِاسْتِعْمَالِ وَمَا سِوَاهُ مُبَاحٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَعَلَى الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ فَأَمَّا تَعْلِيقُ قَنَادِيلِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَتَمْوِيهِهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مُبَاحٌ كَمَا أُبِيحُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لِلدِّينِ وَإِعْزَازًا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا لِلْكَعْبَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِرَبِّهِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْظُورٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّهُ لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَا عَمِلَ بِهِ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ وَقْفًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِكٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِرَبِّهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ فَمَحْظُورٌ وَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ، وَأَمَّا الْمُضَبَّبُ بِالْفِضَّةِ فإن كان يسير الحاجة كحلقة أو زرة كان مباحاً، قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَصْعَةٌ فِيهَا حَلْقَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَزَكَاتُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَحْظُورٌ تَجِبُ زَكَاتُهُ، وَكَذَا لَوِ اتَّخَذَ مَيْلًا أَوْ مُكْحُلًا أَوْ مُدْهُنًا أَوْ مُسْعُطًا مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ كَانَ مَحْظُورًا وَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ، إِلَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ الْمَيْلَ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي لِجَلَاءِ عَيْنِهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا، كَمَا لَوِ اسْتَعْمَلَ الذَّهَبَ لَرَبْطِ أَسْنَانِهِ فيكون في زكاته قولان:

مسالة: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا وَقِيمَتُهُ مَصُوغًا أَلْفَيْنِ فَإِنَّمَا زَكَاتُهُ عَلَى وَزْنِهِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأَوَانِي الْمُحَرَّمَةُ فَزَكَاتُهَا عَلَى وَزْنِهَا لَا عَلَى قِيمَتِهَا، فَإِذَا كَانَ وَزْنُ الْإِنَاءِ أَلْفًا وَقِيمَتُهُ لِصَنْعَتِهِ أَلْفَيْنِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ ألف اعتباراً بوزنه، وسواء كسر الإناء وأخذ زَكَاتُهُ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ الزَّكَاةُ مَنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الْحُلِيُّ الْمَصُوغُ فَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا فَزَكَاتُهُ عَلَى وَزْنِهِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ كَالْأَوَانِي، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَزْنُهُ أَلْفٌ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ نعتبر الصنعة ونوجب الزكاة شائعة في جملته ثم يتبع قَدْرَ الزَّكَاةِ فِيهِ مَشَاعًا، إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ المالك قيمة الزكاة ذهباً أو يعطي من هَذَا الْأَلْفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا مَصُوغَةً تُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ أَعْطَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا قَالَ: لا يجوز، وإن أَرَادَ الْمَالِكُ كَسْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>