للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُقُودِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَعَلَى هَذَا إِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ طُلِّقَتْ وَمَلَكَهَا، وَإِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَمْ تُطَلَّقْ وَلَمْ يَمْلِكْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: دُونَ الْعُرْفِ فَإِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ غَالِبِ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، طُلِّقَتْ، وَمَلَكَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ، وَإِنْ دَفَعَتْ مِنْ غَيْرِ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ طُلِّقَتْ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِعَقْدٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْعُرْفُ مِنْ غَالِبِ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَاعْتُبِرَ فِي الطَّلَاقِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّلَاقِ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَلْفٌ مِنْ غَالِبِ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، لِأَنَّهَا تُمْلَكُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ تُعْتَبَرُ فِيهَا غَالِبُ الدَّرَاهِمِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا بِأَغْلَبَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَيُّ دَرَاهِمَ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ مِمَّا يَنْطَبِقُ اسْمُ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهَا طُلِّقَتْ بِهَا، وَلَمْ يَمْلِكْهَا الزَّوْجُ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا وَلَا مَوْصُوفًا وَلَا فِيهِ نَقْدٌ مُسْتَحَقٌّ مِثْلُهُ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ، وَطَلَّقَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ فَطُلِّقَتْ بِهَا، وَمَلَكَهَا فِي الظَّاهِرِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ رَدِيئَةٌ مَعِيبَةٌ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ مَعِيبًا فَلَا يَخْلُو عَيْبُهَا مِنْ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ جِنْسِ الصِّفَةِ أَوْ لَا يُخْرِجُهَا فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ جِنْسِ الصِّفَةِ فَكَانَتْ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَضَمَّنَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِدَفْعِهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِ الْفِضَّةِ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الصِّفَةُ فِيهَا لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْفِضَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَهُوَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْمُقَامِ أَوِ الرَّدِّ، فَإِنْ أَقَامَ لَمْ يَرْجِعْ بِأَرْشِهَا وَإِنْ رَدَّ فَمَاذَا يَرْجِعُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِمِثْلِهَا غَيْرِ مَعِيبَةٍ.

وَالثَّانِي: بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ غَيْرَ مَعِيبَةٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَيْبُهَا لَا يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ رَدِيءِ الْفِضَّةِ وَخَشَنِهَا لِرَدَاءَةِ مَعْدِنِهَا، فَالطَّلَاقُ هَا هُنَا قَدْ وَقَعَ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَسْمَحَ بِعَيْبِهَا كَمَا يَسْمَحُ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِمِثْلِهَا مِنْ جَيِّدِ الْفِضَّةِ غَيْرِ مَعِيبٍ وَلَا يَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ حَقَّهُ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ غَيْرِ مَعِينةٍ.

وَالضَّرْبُ الثاني: أن يكون عيبها وردائتها قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ جِنْسِ الْفِضَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ رصَاصٍ أَوْ مَاسٍ فَالطَّلَاقُ هَا هُنَا غَيْرُ وَاقِعٍ، لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا مَشْرُوطًا بِدَفْعِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهَذِهِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْغِشِّ أَقَلُّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ تُطَلَّقْ لِنُقْصَانِ الفضة، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>