للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: حَقُّ الْآدَمِيِّينَ، وَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ عَيْنًا كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ.

وَالثَّانِي: مَا كَانَ دَيْنًا كَمَالٍ فِي الذِّمَّةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا كَانَ مَنْفَعَةَ مَالٍ كَمَنَافِعِ الْإِيجَارَاتِ.

وَالرَّابِعُ: مَا كَانَ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً مِنْ غَيْرِ مَالٍ كَالْأَنْجَاسِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا وَالْكِلَابِ الْمُعَلَّمَةِ.

وَالْخَامِسُ: مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ كَالشُّفْعَةِ.

وَالسَّادِسُ: مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ غَيْرِ الْأَمْوَالِ كَالزَّوْجِيَّةِ وَالْقَسَمِ.

فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَخْلُو حَالُ مُسْتَحِقِّهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ إِقْرَارٍ مَا لَمْ يَقَعْ تَنَافُرٌ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ لَزِمَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا، الْإِقْرَارُ بِهِ وَالْأَدَاءُ لَهُ. فَهَذَا الشَّرْطُ الثَّالِثُ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ وَهُوَ الْمُقَرُّ عِنْدَهُ فَهُوَ مَنْ يَصِيرُ بِهِ الْحَقُّ مَحْفُوظًا. وهو أحد تفسير أَمْرَيْنِ:

إِمَّا حَاكِمٌ يُلْزِمُ.

أَوْ شَاهِدٌ مُتَحَمِّلٌ.

وَلَيْسَ لِلْإِقْرَارِ عِنْدَ غَيْرِ هَذَيْنِ تَأْثِيرٌ.

فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ عِنْدَ حَاكِمٍ فَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ سَمَاعِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ عنده قبل سماع الدعوى من غَيْرِ دَعْوَى فَفِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَصْرِيِّينَ.

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمْ فِي هَذَا مُخَرَّجًا مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ: هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا؟

فَإِنْ قِيلَ: بِجَوَازِ حُكْمِهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ عِنْدَهُ قَبْلَ سَمَاعِ الدَّعْوَى، وَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ عِنْدَهُ قَبْلَ سَمَاعِ الدَّعْوَى.

وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ فَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَسْتَرْعِيَهُمَا الْإِقْرَارُ، فَيَقُولُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ اشْهَدَا عَلَيَّ بِذَلِكَ. فإن لم يسترعيهما وَأَقَرَّ عِنْدَهُمَا أَوْ سَمِعَاهُ يُقِرُّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُمَا، فَفِي صِحَّةِ تَحَمُّلِهِمَا وَجَوَازِ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَجْهَانِ نَذْكُرُ تَوْجِيهَهُمَا فِي مَوْضِعِهِ إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>