مَنْقُولَةٌ يَخْتَارُ الْعَمَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ أَوْكَدَ مِنْهَا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ اسْقِنِي مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ كَأْسًا لَا ظمأ بَعْدَهُ، وَيَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي رَائِحَةَ جِنَانِكَ وَنَعِيمَكَ، وَيَقُولُ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ وُجُوهٌ وتسود فيه وُجُوهٌ، وَيَقُولُ عِنْدَ غَسْلِ ذِرَاعَيْهِ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَلَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي فَأَهْلِكَ، وَيَقُولُ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ اللهم اظللني تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ، وَيَقُولُ عِنْدَ مَسْحِ أُذُنَيْهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَيَقُولُ عِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ اللَّهُمَّ أَجِزْنِي عَلَى الصِّرَاطِ وَلَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ يَتَرَدَّى فِي النَّارِ فَهَذَا كُلُّهُ مَأْثُورٌ عَنِ الْفُضَلَاءِ الصَّالِحِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ والتابعين.
(فَصْلٌ)
: وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْمَأْقَيْنِ " وَهِيَ تَثْنِيَةُ مَأْقٍ وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ وَهُوَ مَخْرَجُ الدَّمْعِ، فَأَمَّا الطَّرَفُ الْآخَرُ فَهُوَ اللِّحَاظُ وَمَسْحُ الْمَأْقَيْنِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِهِمَا فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا رَمْصٌ ظَاهِرٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى مَحَلِّهِ كَانَ مَسْحُهُمَا وَاجِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا رَمْصٌ كَانَ مَسْحُهُمَا مُسْتَحَبًّا كَالتَّخْلِيلِ.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: وَأُحِبُّ أَنْ يُمِرَّ الْمَاءَ عَلَى مَا سَقَطَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَنِ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِيهَا قَوْلَانِ قَالَ يُجْزِيهِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا يُجْزِيهِ فِي الْآخَرِ، قَالَ الْمُزَنِيُّ: يُجْزِيهِ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَا سَقَطَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ مِنَ الرَّأْسِ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَلَّا يَجْعَلَ مَا سَقَطَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الْوَجْهِ مِنَ الْوَجْهِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ نَقَلَهَا الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ هَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَجُمْلَةُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَجَاوَزِ الْأُذُنَ عَرْضًا، وَلَمْ يَسْتَرْسِلْ عَنِ الذَّقَنِ طُولًا فَإِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنْ تَجَاوَزَ الْأُذُنَيْنِ عَرْضًا وَاسْتَرْسَلَ عَنِ الذَّقْنِ طُولًا لَزِمَهُ غَسْلُ مَا قَابَلَ الْبَشَرَةَ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِغَسْلِ مَا انْتَشَرَ عَنْهَا عَرْضًا وَمَا اسْتَرْسَلَ مِنْهَا طُولًا، وَفِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَمَذْهَبُ أبي حنيفة أَنَّ إِمْرَارَ الْمَاءِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَتَرْكَهُ مُجْزِئٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَحَدُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَمْ يكن ما استرسل من شعره داخل فَيَ حُكْمِهِ كَالرَّأْسِ. وَلِأَنَّ انْتِقَالَ الْفَرْضِ فِي الْبَشَرَةِ إِلَى مَا يُوَازِيهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَى مَا يُحَاذِيهَا كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ إِمْرَارَ الْمَاءِ واجب عليه وتركه غير مجزى، وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَاللِّحْيَةُ يَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْوَجْهِ لُغَةً وَشَرْعًا:
أَمَّا اللُّغَةُ فَلِأَنَّ الْوَجْهَ سُمِّيَ وَجْهًا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ لَهُ وَاللِّحْيَةُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute