للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا اسْتِرْجَاعُ الزَّوْجِ نِصْفَهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ مَالِكَةً لِمَا اسْتَرْجَعَهُ كَمَا لَوِ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ بِعَيْبٍ اسْتَرْجَعَ جَمِيعَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ أَنْ تَكُونَ مَالِكَةً لِمَا اسْتَرْجَعَهُ، وَكَمَا يَسْتَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إِذَا رَدَّ بِعَيْبٍ وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لَهُ.

وَأَمَّا اخْتِلَافُ الصَّدَاقِ وَالْبُضْعِ فِي التَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ فَلَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَهُمَا فِي التَّمْلِيكِ كَمَا أَنَّ بُيُوعَ الْأَعْيَانِ يَجُوزُ التَّأْجِيلُ وَالتَّنْجِيمُ فِي أَثْمَانِهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي أَنَّهُمَا قَدْ ملكا بنفس العقد.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ لِلصَّدَاقِ وَقْتُ الضَّمَانِ وَنَوْعُهُ

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مَالِكَةٌ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى تَقْبِضَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ عَلَيْهِ بِعَقْدِ معاوضة، فوجب أن يكون مضموناً عليه كالمبيع.

وَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الزَّوْجِ فَهُوَ مَضْمُونُ الْأَصْلِ، وَمَضْمُونُ النَّقْصِ.

فَأَمَّا ضَمَانُ الْأَصْلِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ: هَلْ يُضْمَنُ بِمَا فِي مُقَابَلَتِهِ أَوْ بِهِ فِي نَفْسِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا فِي مُقَابَلَتِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ، وَلَيْسَ لِلْبُضْعِ مِثْلٌ فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ، وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ الصَّدَاقُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَضْمُونًا عَلَى الزَّوْجِ إِنْ تَلَفَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ إِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا فِي نَفْسِهِ لَا بِمَا فِي مُقَابَلَتِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ كَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ وَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ فِي جِنْسِهِ، وَنَوْعِهِ، وَصِفَتِهِ، وَقَدْرِهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ كَالثِّيَابِ، وَالْعَبِيدِ وَالْمَوَاشِي، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ. وَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: ضَمَانُ عَقْدٍ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَصْدَقَ.

وَالثَّانِي: ضَمَانُ غَصْبٍ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ أَصْدَقَ إِلَى أَنْ تَلِفَ.

وَأَمَّا ضَمَانُ النَّقْصِ، فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِاخْتِلَافِ حَالَيْهِ فِي تَمْيِيزِهِ وَاتِّصَالِهِ.

فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مُتَمَيِّزًا كَتَلَفِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، وَمَوْتِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْأَصْلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ: كَمَرَضِ الْعَبْدِ، وَإِخْلَاقِ الثَّوْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِأَرْشِ النَّقْصِ، وَهَذَا عَلَى الْقَدِيمِ الَّذِي جَعَلَ تَلَفَ الْأَصْلِ مُوجِبًا لِضَمَانِ قِيمَتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ضَمَانَهُ لَهُ مُوجِبٌ لِخِيَارِ الزَّوْجَةِ، بَيْنَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ بنقض أو تفسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>