للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاطِلًا لِمُنَافَاتِهِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْبَيْعَ صَحِيحٌ.

وَفِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الْفَسَادُ مِنَ الشَّرْطِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: جُمْلَةُ الْخِيَارِ، فَيَصِيرُ الْبَيْعُ لَازِمًا وَلَا خِيَارَ فِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَسَادَ إِنَّمَا تَوَجَّهَ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِزَيْدٍ الْمُسَمَّى، وَيَكُوْنُ الْخِيَارُ ثَابِتًا لِلْبَائِعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى اسْتِئْمَارِ زِيدٍ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَدِ اسْتَأْمَرْتُ زَيْدًا فَأَذِنَ لِي فِي الرَّدِّ.

فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا ف ي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَازِمٌ.

وَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِ زَيْدٍ وَإِذْنِهِ لِأَجْلِ شَرْطِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ وَكَافَّةِ الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَلَهُ الرَّدُّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، سَوَاءٌ اسْتَأْمَرَ زَيْدًا أَمْ لَمْ يَسْتَأْمِرْهُ، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْخِيَارِ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنَ الخيار.

فمن قال بهذا لهم عن جواب الشافعي: لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ، تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُرِيدُ بِهِ لَيْسَ لَهُ إِذَا رَدَّ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَذِنَ لِي فِي الرَّدِّ، إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ لِئَلَّا يَكُونَ كَذِبًا، فَكَانَ هَذَا النَّهْيُ مِنْهُ عَنِ الْكَذِبِ لَا عَنِ الرَّدِّ.

وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: أَنَّهُ عَنَى الِاحْتِيَاطَ إِذَا كَانَ زَيْدٌ أَعْرَفَ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ: أَيْ لَمْ يَكُنِ الْحَظُّ فِي الرَّدِّ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنِ اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>