للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِينَ يَدْعُو، فَقَدْ رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَلْصِقُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ بِالْمُلْتَزَمِ " وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَلْيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِ مَا رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وَعَلَانِيَتِي فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وَتَعْلَمُ مَا عِنْدِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا يُبَاشِرُ قَلْبِي وَيَقِينًا صَادِقًا حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَنِي إِلَّا مَا كَتَبْتَهُ عَلَيَّ ورضى لِقَضَائِكَ لِي " وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الْحِجْرِ وَالْبَابِ رَبِّي اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَمَتِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ عاقبةٍ بخيرٍ.

فَصْلٌ

: وَيُخْتَارُ أَنْ يَدْخُلَ الْحِجْرَ وَيَدْعُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مَا أحدٌ يَدْعُو عِنْدَ الْمِيزَابِ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَلَا تَسْأَلُونِي مِنْ أَيْنَ جِئْتُ؟ قَالُوا: وَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: مَا زِلْتُ قَائِمًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، وَكَانَ قَائِمًا تَحْتَ الْمِيزَابِ يَدْعُو اللَّهَ عِنْدَهُ، وَقَدْ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُولُ إِذَا حَاذَى مِيزَابَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ في الطواف اللهم إن أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْعَفْوَ عِنْدَ الْحِسَابِ.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَيَرْقَى عَلَيْهَا فَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَدْعُو اللَّهَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ دِينٍ وَدُنْيَا ثُمَّ يَنْزِلُ فيمشي حَتَّى إِذَا كَانَ دُونَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ بنحوٍ مَنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا حَتَّى يُحَاذِيَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ الذين بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَدَارَ الْعَبَّاسِ ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يرقى على المروة فيصنع عليها كما صنع على الصفا حتى يتم سبعاً يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرُكْنٌ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهُ سَعْيًا وَاحِدًا أَوْ ذِرَاعًا مِنْ سَعْيٍ وَاحِدٍ كَانَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَإِنْ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ حَتَّى يَعُودَ فَيَأْتِيَ بِهِ، وَهُوَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ، وَفِي الْفُقَهَاءِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: السَّعْيُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ أبو حنيفة هُوَ وَاجِبٌ لَكِنْ يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ وَتَحَقُّقُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الصَفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرَ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَفَ بِهِمَا} (البقرة: ١٥٨) فَأَخْبَرَ بِرَفْعِ الْحَرَجِ وَالْجَنَاحِ عَمَّنْ يَطُوفُ بِهِمَا، وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا كَانَ مُبَاحًا وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحُ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} (النساء: ١٠١) فَكَانَ الْقَصْرُ مُبَاحًا وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَلِأَنَّ ابن مسعود وأبياً وابن عباس يقرؤون " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَهَذِهِ قِرَاءَةُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَوَجَبَ رَفْعُ الجناح

<<  <  ج: ص:  >  >>