للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُلُوعِ الشَّمْسِ قَضَاءً] وَالصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَبَعَّضَ حُكْمًا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَبَطَلَتْ.

ودليلنا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ " فَجَعَلَهُ مُدْرِكًا وَمُصَلِّيًا.

وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَطَالَ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمًا فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ أَطَلْتَ الصَّلَاةَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فَقَالَ: " لَوْ طَلَعَتْ مَا وَجَدَنَا اللَّهُ غَافِلِينَ "، وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ خُرُوجَ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلِأَنَّ مَا لَمْ يُبْطِلْ غَيْرَ الصُّبْحِ لَمْ يُبْطِلِ الصُّبْحَ كَالْعَمَلِ الْقَلِيلِ طَرْدًا، وَالْحَدِيثِ عَكْسًا، وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِهَا، فَلَمَّا كَانَ الْمُدْرِكُ لِرَكْعَةٍ مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ صَارَ خَارِجًا إِلَى وَقْتِ صَلَاةٍ، فَالْمُدْرِكُ لِرَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْلَى، أَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ خَارِجًا إِلَى وَقْتِ صَلَاةٍ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ وَانْفِصَالٌ عن حيزه وَاسْتِدْلَالِهِ وَلِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ مِنَ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ النَّهْيِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِبَادَةِ أَغْلَظُ شُرُوطًا من استدامتها - والله أعلم -.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَالْوَقْتُ الْآخَرُ هُوَ وَقْتُ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَى رَجُلٍ فَأَفَاقَ وَطَهُرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حيض أو نفاس وأسلم نصراني وبلغ صبي قبل مغيب الشمس بركعة أعادوا الظهر والعصر، وكذلك قبل الفجر بركعة أعادوا المغرب والعشاء، وكذلك قبل طلوع الشمس بركعة أعادوا الصبح وذلك وقت إدراك الصلوات في العذر والضرورات وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " من أدرك ركعة قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ ومن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمس فقد أدرك الصبح " وأنه جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة فدل على أن وقتهما للضرورات واحد وقد قال الشافعي إن أدرك الإحرام في وقت الآخرة صلاهما جميعا (قال المزني) ليس هذا عندي بشيء وزعم الشافعي أن من أدرك من الجمعة ركعة بسجدتين أتمها جمعة ومن أدرك منها سجدة أتمها ظهرا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " ومعنى قوله عندي إن لم تفته وإذا لم تفته صلاها جمعة والركعة عند الشافعي بسجدتين (قال المزني) قلت وكذلك قوله عليه السلام " من أدرك من الصلاة ركعة قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ " لا يكون مدركا لها إلا بكمال

<<  <  ج: ص:  >  >>