للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ أَلْفٌ، فَقَالَ لِمَنْ لَهُ الْأَلْفُ بِعْنِي عَبْدَكَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ بِهَا وَبِالْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ بِلَا رَهْنٍ دَارِي هَذِهِ رَهْنًا، فَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ، وَرَهْنٌ بَاطِلٌ، أَمَّا بُطْلَانُ الْبَيْعِ، فَلِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ رَهْنًا فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ رَهْنًا فَبَطَلَ، فَكَانَ ذَلِكَ مَضْمُونًا إِلَى الثَّمَنِ فَأَدَّى إِلَى جَهَالَةٍ فِي بَابِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الرَّهْنِ فَيَبْطُلُ فِي الْبَيْعِ، لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَبَطَلَ فِي الْأَلْفِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فِيهَا كَانَ بِشَرْطِ الْبَيْعِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: هَذَا فَسَادٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْطِ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ شَرْطٌ زَائِدٌ فَكَانَ شَرْطًا بَاطِلًا، وَفِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ بَاطِلٌ، فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ، فَعَلَى هَذَا الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذكر؛ لأن التعليل يقتضيه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَسْلَفَهُ أَلْفًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ بِهَا رَهْنًا وَشَرَطَ الْمُرْتَهِنِ لِنَفْسِهِ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي السَّلَفِ ".

قَالَ الماوردي: صورتها فِي رَجُلٍ اقْتَرَضَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا رَهْنًا مُعَيَّنًا عَلَى أَنَّ لَهُ مَنَافِعَ الرَّهْنِ، وَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِطَ مَنَافِعَ الرَّهْنِ مِلْكًا لِنَفْسِهِ، فَهَذَا قَرْضٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يَجُرُّ مَنْفَعَةً، وَرَهْنٌ بَاطِلٌ، لأنه مشروط في قرض قد بطل.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَنَافِعِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَهِيَ أَعْيَانٌ، فَالْقَرْضُ لَا يَبْطُلُ، لِأَنَّ فَسَادَ الرَّهْنِ فِي الْقَرْضِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْقَرْضِ، وَفِي صِحَّةِ الشَّرْطِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ صَحِيحٌ، وَتَكُونُ الْمَنَافِعُ رَهْنًا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَلَا تَكُونُ الْمَنَافِعُ الْحَادِثَةُ رَهْنًا، فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ الرهن قولان.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَالْبَيْعُ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إِثْبَاتِهِ والرهن ويبطل الشرط (قال المزني) قلت أنا أصل قول الشافعي كُلَّ بَيْعٍ فَاسِدٍ بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يجوز وإن أجيز حتى يبتدأ بما يجوز ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ بِثَمَنِهِ رَهْنًا معينا على أن منافع الرهن للمرتهن، وهذا على ضربين:

<<  <  ج: ص:  >  >>