للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيمَا شَاءَ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوِ اعْتِكَافٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا عِبَادَاتٌ يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ فِيهِمَا الصَّلَاةُ خَاصَّةً لِاخْتِصَاصِ الْمَسَاجِدِ بِالصَّلَاةِ عُرْفًا فَاخْتُصَّ بِهِمَا نَذْرًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ "، وَإِنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ مَا يَفْعَلُهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ فِي هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِيهِمَا، أَوْ أَصُومَ فِيهِمَا انْعَقَدَ نَذْرُهُ بِالْقَصْدِ، وَانْعَقَدَ نَذْرُهُ بِالْعِبَادَةِ وَلَزِمَتْهُ الْعِبَادَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوِ اعْتِكَافٍ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا.

فَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.

أَمَّا الْمَشْيُ إِلَيْهِ فَفِي وُجُوبِهِ وَجْهَانِ كَالْمَشْيِ إِلَى الْحَرَمِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْقَصْدِ فَإِنْ مَشَى أَوْ رَكِبَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْيُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَفْضَلَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ المشي إليه واجب وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ اعْتِبَارًا بِصَرِيحِ لَفْظِهِ فِي نَذْرِهِ فَعَلَى هَذَا إِنْ رَكِبَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَمْشِ فَفِي إِجْزَائِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّ نَذْرَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْمَشْيِ هُوَ الْعِبَادَةُ الْمَقْصُودَةُ، وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ قَصْدِهِ إِلَيْهِ مَاشِيًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ يَلْتَزِمُ بِقَصْدِهِ فِعْلَ عِبَادَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَقْصُودُ بِالنَّذْرِ هُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْبُرَ تَرْكَ الْمَشْيِ بِفِدْيَةٍ، كَمَا قِيلَ: في المشي إلى الحرم لاختصاص الفدية يجبران الْحَجِّ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ.

فَأَمَّا الصَّلَاةُ فيه فقد لزمته بالنذر في اسْتِحْقَاقِ فِعْلِهَا فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِيهِ فَإِنْ صَلَّاهَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ؛ لَمْ يُجْزِهِ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَلْتَزِمُ بِقَصْدِهِ فِعْلَ عِبَادَةٍ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ مستحق فيه؛ فإن صلاها في غير أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ بِقَصْدِهِ فِعْلَ غَيْرِهِ، وَالْأَظْهَرُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ لُزُومُ صَلَاتِهِ فِيهِ، وَأنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ فِي غَيْرِهِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَذَا النَّذْرِ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَمِ الَّذِي حُرْمَتُهُ مُشْتَرَكَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرَمِ لَزِمَهُ هَذَا النَّذْرُ، كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْحَرَمِ وَفِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ نذره وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>