للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنَّ مَنِيَّهَا طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَنِيَّهَا نَجِسٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَجِسًا إِذَا مَاتَ بَعْدَ حَيَاتِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا فِي حَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ حَيَاتِهِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْمَوَاتِ الْأَوَّلِ كَ " حُكْمِ " الْمَوَاتِ الثَّانِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١] أَلَا تَرَى ابْنَ آدَمَ لَمَّا كَانَ طَاهِرًا بَعْدَ مَوْتِهِ حُكِمَ لَهُ بِالطَّهَارَةِ قَبْلَ حَيَاتِهِ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَنِيَّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ ومني ما لا يؤكل لحمه نحس اعتباراً بلبنه

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُصَلِّي عَلَى جِلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا ذَكَّى، وَفِي صُوفِهِ وَشَعْرِهِ وَرِيشِهِ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَهُوَ حَيٌّ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي جُلُودِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا كَانَ مُذَكًّى، وَإِنْ لَمْ يدبغ، لأن الزكاة أَبْلَغُ مِمَّا يُعْمَلُ فِيهِ مِنَ الدِّبَاغَةِ لِتَطْهِيرِهَا جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانَاتِ، وَاخْتِصَاصِ الدِّبَاغَةِ بِتَطْهِيرِ الْجِلْدِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي دِبَاغِهِ طَهَارَتَهُ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهَا تَنْشِيفُهُ وَامْتِنَاعُ فَسَادِهِ، فَأَمَّا الطَّاهِرُ مِنَ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالرِّيشِ وَالْوَبَرِ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ، وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠]

وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ عَلَيْهِ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضيقة الكمام يعني صوف

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ إِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ شُمَّ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَائِحُ كَرَوَائِحِ الضَّأْنِ مِنْ لِبَاسِهِمُ الصُّوفَ، وَلِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِنَفْعِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا كَ " اللَّبَنِ "

وَقَوْلُنَا: لِنَفْعِهِ احْتِرَازٌ مما قطع من أعضائه

[(مسألة)]

: " ولا تصل مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إِلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا فَإِنْ رَقَعَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى قَلْعِهِ، فَإِنْ مَاتَ صَارَ مَيِّتًا كُلَّهُ وَاللَّهُ حَسِيبُهُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>