وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ عَدَدَيِ الِاسْتِثْنَاءِ بِوَاوِ الْعَطْفِ، صَارَ الْمُسْتَثْنَى وَاحِدَةً، وَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، فَتُطَلَّقُ وَاحِدَةً، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً، لِأَنَّ دُخُولَ وَاوِ الْعَطْفِ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ يَجْعَلُ إِعَادَةَ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ تَأْكِيدًا. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تُطَلَّقُ ثَلَاثًا، لِأَنَّ عَدَدَيِ الِاسْتِثْنَاءِ إِذَا جُمِعَا كَانَا ثَلَاثًا، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا، فَتُطَلَّقُ ثَلَاثًا وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ لِرَفْعِهِ لِلْجَمِيعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً، إِسْقَاطًا لِلْوَاحِدَةِ، الْأَخِيرَةِ مِنْ عَدَدَيِ الِاسْتِثْنَاءِ، لِتَكُونَ الثِّنْتَانِ الْبَاقِيَتَانِ مِنْهُ عَدَدًا يَصِحُّ الاستثناء، فلذلك طلقت واحدة، لأه لَمَّا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا قَالَ: إِلَّا وَاحِدَةً صَارَ كَأَنَّهُ قَدِ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ وَاحِدَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُطَلَّقُ ثَلَاثًا إِسْقَاطًا لِجَمِيعِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ إِسْقَاطًا لِآخِرِ الْعَدَدَيْنِ، وَإِثْبَاتًا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ، إِلَّا وَاحِدَةً طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَسَقَطَ الِاسْتِثْنَاءُ، لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَّقَ الْجُمْلَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا صَارَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إِلَى أَقْرَبِهَا، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ الْأَخِيرَةُ، فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ، إِلَّا طَلْقَةً طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، لِأَنَّهُ أَفْرَدَهَا، وَلَمْ يَجْمَعْهَا فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا.
(فَصْلٌ:)
وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَّا اثْنَتَيْنِ وَنِصْف إِلَّا وَاحِدَةً، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، لِأَنَّ نِصْفَ الثَّالِثَةِ يَسْرِي، فَيَصِيرُ وَاحِدَةً كَامِلَةً، وقد ضمنها إِلَى اثْنَتَيْنِ بِوَاوِ الْعَطْفِ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إِلَّا وَاحِدَةً فَتُطَلَّقُ ثَلَاثًا وَيَسْقُطُ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ، لِرُجُوعِهِ إِلَى الْوَاحِدَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهَا تُطَلَّقُ طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّ وَاوَ الْعَطْفِ دَخَلَتْ هَاهُنَا، فِيمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَسَرَايَةُ الطَّلَاقِ تَسْتَقِرُّ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِذَا اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنَ اثْنَتَيْنِ وَنِصْفٍ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَنِصْفٌ فَكَمُلَتِ اثْنَتَيْنِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا نِصْف، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَتَانِ وَنِصْف، وَيَكُونُ تَكْمِيلُ الطَّلَاقِ فِي الْوَاقِعِ مِنْهُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْف إِلَّا طَلْقَةً وَنِصْف فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهَا تُطَلَّقُ ثَلَاثًا، لِأَنَّ الطَّلْقَةَ وَنِصْف لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ نِصْفِ طَلْقَةٍ، فَيَسْقُطَ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَكْمُلَ الْوَاقِعُ ثَلَاثًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُطَلَّقُ طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّ النِّصْفَ طَلْقَةٍ الْوَاقِعَةَ مَعَ الطَّلْقَتَيْنِ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute