للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ بِهِ شَرِيكَتَهَا فِي الْكَرَامَةِ أَوْ فِي الْهَوَانِ أَوْ مِثْلَهَا فِي الطَّاعَةِ أَوِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَحْتَمِلُ مَا أَرَادَهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لَهُ إِرَادَةٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ صَارَ بِاعْتِبَارِ النِّيَّةِ كِنَايَةً إِذَا تَجَرَّدَ عَنِ الْإِرَادَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ.

وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنَ الثَّانِيَةِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَأَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا ثَانِيًا اعْتِبَارًا بِالظِّهَارِ وَنَفَاهُ الْأَكْثَرُونَ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْحِكَايَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ الْجَدِيدِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ إِنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةً كَمَا يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ الْقَدِيمِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا يَمِينٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْكَفَّارَاتِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو ظِهَارُهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفْرِدَهُنَّ فِيهِ وَيُظَاهِرَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِقَوْلٍ مُنْفَرِدٍ فَيَلْزَمُهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَجْمَعَهُنَّ فِي الظِّهَارِ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَقُولُ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَفِي الْكَفَّارَةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ لَفْظَةَ الظِّهَارِ وَاحِدَةٌ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَالْمُظَاهِرِ مِنْ وَاحِدَةٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الظِّهَارَ يُلْحَقُ بِالْإِيلَاءِ وَمُعْتَبَرٌ بِالْأَيْمَانِ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِسَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ حِينَ ظَاهَرَ: كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ إِنَّهُ لَوْ آلَى مِنْ أَرْبَعٍ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَدَدٍ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ فِي الْحِنْثِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ إِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ فِي رَجْعَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ ظِهَارُهُ مِنَ الْأَرْبَعِ يُجْزِئُ عَنْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَالْإِمْلَاءِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُ فِي الْأَرْبَعِ إِنْ عَادَ مِنْهُنَّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>