للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ مِنْ مسجدٍ وغيره)

قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وَإِذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِقَوْمٍ أَعَادَ وَلَمْ يُعِيدُوا وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْعَبَّاسِ " قال المزني " يقول كما لا يجزئ عني فعل إمامي فكذلك لا يفسد علي فساد إمامي ولو كان معناي في إفساده معناه لما جاز أن يحدث فينصرف وأبني ولا أنصرف وقد بطلت إمامته واتباعي له ولم تبطل صلاتي ولا طهارتي بانتقاض طهره "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي إِمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَحْدَهُ فَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِحَالِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ

وَقَالَ أبو حنيفة: عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ بِكُلِّ حَالٍ كَالْإِمَامِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي تَضَاعِيفِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ مَعَهُ وغلط عَلَيْهِ فَأَلْزَمَهُ حَدَثَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ عَمَدَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ جُنُبًا فَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ صَلَّى بِهِمْ نَاسِيًا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْإِمَامِ الْإِعَادَةُ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ " وَالضَّمَانُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْحَقِّ الْمَضْمُونِ تَعَلُّقًا بِالضَّامِنِ وَالضَّامِنِ تَعَلُّقًا بِالْحَقِّ الْمَضْمُونِ وبقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا " فَجَعَلَ صَلَاتَهُمْ تَابِعَةً لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَعُلِمَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا قَالُوا: وَلِأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَهُ مَنْ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَوَجَبَ إِذَا كَانَ جَاهِلًا بِحَالِهِ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ إِذَا صَلَّى خَلْفَ امْرَأَةٍ، وَهَذَا خَطَأٌ وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَوْمَأَ إِلَى الْقَوْمِ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، وَصَلَّى بِهِمْ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَبَّرَ فِي صلاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لِلْقَوْمِ امْكُثُوا ثُمَّ رَجَعَ وَاغْتَسَلَ وَجَاءَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً

فَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيهِمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَى تَرَوْنِي "

وَالثَّانِي: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِالْوُقُوفِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إِحْرَامِهِمْ لَأَمْرَهُمْ بِالْقُعُودِ فَدَلَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْوُقُوفِ عَلَى تَقْدِيمِ إِحْرَامِهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ روى جابرالبياضي عَنْ سَعِيدِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>