للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ وَأَجَابَ الْمُرْتَهِنُ إِلَى الْيَمِينِ فَهَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ إِذَا أَجَابُوا إِلَى الْيَمِينِ عِنْدَ نُكُولِ الْمُفْلِسِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ بَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى مُدَّعِي الْجِنَايَةِ. فَإِنْ حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَأُبْطِلَ الرَّهْنُ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِحَالِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا أَجَابَ إِلَى الْيَمِينِ. فَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِحَالِهِ وَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الْجِنَايَةِ. وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ حِينَئِذٍ عَلَى مُدَّعِي الْجِنَايَةِ فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ لَهُ الْأَرْشُ وبطل الرهن وإن نكل فلا شيء له وَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُرْتَهِنُ وَيُكَذِّبَهُ الرَّاهِنُ:

فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِبُطْلَانِهِ. ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَدْلًا جَازَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لِمُدَّعِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي شَهَادَتِهِ. وَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ بِإِقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَقُمِ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ.

فَإِذَا حَلَفَ الرَّاهِنُ كَانَ الْعَبْدُ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الْجِنَايَةِ وَلَا يَكُونُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ قَادِحًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَا مُوجِبًا لِلْخِيَارِ، وَإِنْ نَكَلَ الرَّاهِنُ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى مُدَّعِي الْجِنَايَةِ. فَإِذَا حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِأَرْشِهَا وَبِيعَ الْعَبْدُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ: أَنْ يُصَدِّقَهُ الرَّاهِنُ وَيُكَذِّبَهُ الْمُرْتَهِنُ:

فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُقِرٌّ فِي مِلْكِهِ بِمَا تَنْتَفِي عَنْهُ التُّهْمَةُ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِإِقْرَارِهِ كَغَيْرِ الْمَرْهُونِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ حَجْرَ الْحَقِّ الْمُعَيَّنِ كَالْمَرَضِ ثُمَّ كَانَ الْمَرِيضُ لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَتِهِ فِي رَقَبَةِ عَبْدٍ كَانَ إِقْرَارُهُ نَافِذًا فَوَجَبَ إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِجِنَايَةٍ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ نَافِذًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي إِقْرَارِ الرَّاهِنِ إِبْطَالًا لِلرَّهْنِ بَعْدَ لُزُومِهِ. وَالرَّهْنُ إِذَا لَزِمَ فَلَا سَبِيلَ لِلرَّاهِنِ إِلَى إِبْطَالِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّاهِنَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي عَيْنِ الرَّهْنِ حَجْرًا يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهِ وعتقه كالسفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>