إِثْبَاتَ أَسْمَائِهِمْ فِيهَا أَمِينًا فَطِنًا، وَيُثْبِتُ فِي كُلِّ رِقْعَةٍ اسْمَ الطَّالِبِ، وَاسْمَ أَبِيهِ، وَجَدِّهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَصِنَاعَتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُثْبِتُ مَعَهُ فِي الرُّقْعَةِ اسْمَ الْمَطْلُوبِ.
وَلَا مَعْنَى عِنْدِي لِإِثْبَاتِ اسْمِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْإِثْبَاتِ لِلطَّالِبِ دُونَ الْمَطْلُوبِ. وَلَوْ ثَبَتَ مَعَهُ اسْمُ الْمَطْلُوبِ فَقَالَ الطَّالِبُ أُرِيدُ أَنْ أُحَاكِمَ غَيْرَهُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ لَمْ يَمْنَعْ، فَلَمْ يَكُنْ لِإِثْبَاتِهِ مَعَهُ وَجْهٌ.
فَإِذَا أُرِيدَ إِحْضَارُهُ عِنْدَ خُرُوجِ رُقْعَتِهِ نُودِيَ بِاسْمِهِ وَحْدَهُ دُونَ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَإِذَا حَضَرَ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَإِذَا وَافَقَ مَا فِي الرُّقْعَةِ نَظَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الرُّقْعَةِ قَالَ لَهُ الْقَاضِي لَيْسَتْ هَذِهِ رُقْعَتُكَ فَانْصَرِفْ حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُهَا. وَنُودِيَ ثَانِيَةً حَتَّى يَحْضُرَ مَنْ هُوَ صَاحِبُهَا ثُمَّ عَلَى هَذَا، فَلَوْ نُودِيَ صَاحِبُ رُقْعَةٍ فَلَمْ يَحْضُرْ، كَرَّرَ النِّدَاءَ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أُخْرِجَتْ رُقْعَةُ غَيْرِهِ وَنُودِيَ صَاحِبُهَا.
فَإِذَا حَضَرَ صَاحِبُ الرُّقْعَةِ الْأُولَى، وَقَدْ حَضَرَ صَاحِبُ الرُّقْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ حُضُورُهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي النَّظَرِ بَيْنَ الثَّانِي وَخَصْمِهِ قَدَّمَ الْأُولَى عَلَيْهِ، وَإِنْ شَرَعَ فِي النَّظَرِ لَمْ يَقْطَعِ النَّظَرَ، وَاسْتَوْفَاهُ ثُمَّ نَظَرَ لِلْأَول بَعْدَهُ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ.
وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ اسْتَنَابَ فِي إِخْرَاجِ هَذِهِ الرِّقَاعِ وَفِي الْإِقْرَاعِ مَنْ يَثِقُ بِعَقْلِهِ وَفِطْنَتِهِ مِنْ أُمَنَائِهِ وَثِقَاتِهِ لِيَتَوَفَّرَ بِهِ عَلَى نَظَرِهِ جَازَ وَكَانَ أَبْلَغَ فِي صِيَانَتِهِ.
(لَا يَسْمَعُ مِنَ الْخَصْمِ إِلَّا دَعْوَى وَاحِدَةً في المجلس) .
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي مَجْلِسٍ إِلَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَرَغَ أَقَامَهُ وَدَعَا الَّذِي بَعْدَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا نَظَرَ بَيْنَ السَّابِقِ وَبَيْنَ خَصْمِهِ فِي دَعْوَى، بَتَّ الْحُكْمَ فِيهَا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ دَعْوَى ثَانِيَةً فَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْخَصْمِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْمَعْهَا إِلَّا فِي مَجْلِسٍ ثَانٍ، لِأَنَّ سَبْقَهُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ مُسْتَحَقٌّ لِحُكْمٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ جَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ مُحَاكَمَةً جَمَاعَةً لَاسْتَوْعَبَ جَمِيعَ الْمَجْلِسِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَضَرَّ بِغَيْرِهِ.
وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ عَلَى الْخَصْمِ الْأَوَّلِ، فَفِي جَوَازِ سَمَاعِهَا مِنْهُ بِسَبْقِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْمَعُهَا لِأَنَّهَا مَعَ خَصْمٍ وَاحِدٍ.
وَالثَّانِي: لَا يَسْمَعُهَا لِأَنَّهَا فِي مُحَاكَمَةٍ أُخْرَى.
وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ انِبْرِامِ الْحُكْمِ مَعَهُ اسْتَأْنَفَ دَعْوَى عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ ثَابِتًا فِي رُقْعَةِ الْمُدَّعِي لَمْ يَسْمَعْهَا.