للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّرَايَةَ مَضْمُونَةٌ كَالْجِنَايَةِ، فَهَذَا حُكْمُ رُجُوعِهِمْ جَمِيعًا، فأما إذا رجع أحدهم فهي مسألة الكتاب فَيُنْظَرُ، فَإِنْ قَالَ: عَمَدْتُ وَعَمَدَ أَصْحَابِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ دُونَهُمْ، وَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْتُ أَوْ قَالَ: عَمَدْتُ وَأَخْطَأَ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ دُونَ الْقَوَدِ، وَلَوْ رَجَعَ اثْنَانِ وَجَبَ عَلَيْهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ رَجَعَ ثَلَاثَةٌ كَانَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا شَهِدَ سِتَّةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، أَوِ اثْنَانِ وَبَقِيَ بَعْدَ الرَّاجِعِ بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ فَفِي ضَمَانِ الرَّاجِعِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الأصح، ورواه البويطي عن الشافعي: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ بَيِّنَةٍ يَجِبُ بها الرجم، فصار رجوعه كَعَدَمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، أَنَّ الرَّاجِعَ يُضْمَنُ مَعَ بَقَاءِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ رجل بِشَهَادَةِ جَمِيعِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِي الشَّهَادَةِ بَعْضَهُمْ.

فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الرَّاجِعُ مِنَ السِّتَّةِ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ سُدُسُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ واحد من ستة، ولو رجع اثنان فعليهما ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَكِنْ لَوْ رَجَعَ مِنَ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ ضَمَنُوا، لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي قَدْرِ مَا يَضْمَنُونَهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ رُبُعُ الدِّيَةِ، لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنَ الْبَيِّنَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وهو الظاهر من منصوص الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِمْ نِصْفَ الدِّيَةِ لِرُجُوعِ نِصْفِ الشُّهُودِ.

وَلَوْ رَجَعَ مِنَ السِّتَّةِ أربعة فأحد الوجهين: عَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ مَنْ بَقِيَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِمْ ثُلُثَا الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ مَنْ رَجَعَ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَشَهِدَ اثْنَانِ بِإِحْصَانِهِ ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ دُونَ شُهُودِ الزِّنَا فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُ رُجِمَ بِالزِّنَا لَا بِالْإِحْصَانِ فَلَمْ يَلْزَمْ شُهُودَ الْإِحْصَانِ ضَمَانٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَحَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ عَلَيْهِمَا الضَّمَانَ، لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالْإِحْصَانِ لَمْ يُرْجَمْ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِالْإِحْصَانِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِالزِّنَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>