وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ التَّالِفَةَ مِمَّا يُمْكِنُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ النَّخْلَ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ أَنْ تَقُومَ النَّخْلُ مَعَ الثَّمَرَةِ فِي أَقَلِّ الْحَالَيْنِ قِيمَةً مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلَّ فَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنَ الزِّيَادَةِ فَهُوَ بِحَادِثٍ في ملك المشتري فلم يجز أن يقوم فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَكْثَرَ فَنَقْصُهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ وَمَا كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُومَ عَلَى غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ مَا وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الْقَبْضِ فَالشَّافِعِيُّ وَإِنْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِي أَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ فَإِنَّ مُرَادَهُ: أَنْ يُقَوَّمَ وَقْتَ الْقَبْضِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِيهِ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَجَبَ أَنْ تُقَوَّمَ وَقْتَ الْعَقْدِ فَتُقَوَّمَ النَّخْلُ مَعَ الثَّمَرَةِ فإذا قبل قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ قُوِّمَتِ النَّخْلُ، فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهَا تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ قِسْطُ الثَّمَرَةِ عُشْرَ الْقِيمَةِ فَيَضْرِبُ الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِعُشْرِ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا فَعُشْرُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ فَيَضْرِبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَعُشْرُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ فَيَضْرِبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَهَا مَعَ ثَمَرٍ فِيهَا قَدِ اخْضَرَّ ثُمَّ فَلَسُ وَالثَّمَرُ رُطَبٌ أَوْ تَمْرٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا قَدْ دَخَلَ فِي التَّقْسِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمُ الْجَوَابُ عَنْهُ: وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ نَخْلًا مَعَ ثَمَرَةٍ وَالثَّمَرَةُ بَلَحٌ أَوْ خِلَالٌ أَخْضَرُ وَفَلَسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ صَارَتِ الثَّمَرَةُ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنَّخْلِ مَعَ الثَّمَرَةِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَرَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَصَارَتْ تَبَعًا لِلْمِلْكِ فَإِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ بِعَيْنِ مَالِهِ لَمْ تَنْفَصِلِ الزِّيَادَةُ عَنْهُ وَرَجَعَ بِهِ زَائِدًا وَهَكَذَا لَوْ بَاعَهُ فَسِيلًا فَصَارَ الْفَسِيلُ نَخْلًا رَجَعَ بِهَا نَخْلًا زَائِدًا وَكَذَلِكَ أَشْبَاهُ ذلك.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " أَوْ بَاعَهُ زَرْعًا مَعَ أَرْضٍ خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ ثُمَّ أَصَابَهُ مُدْرَكًا أَخَذَهُ كُلَّهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ وَجُمْلَةُ حَالِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ زَرْعِهَا أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بَذْرًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَقْلًا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ سُنْبُلًا فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَذْرًا مَدْفُونًا لَمْ يَظْهَرْ بَعْدُ فَإِنْ جَهِلَا جِنْسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute