هي ثلث ماله، ولعمرو بألف وخمس مائة، هِيَ نِصْفُ مَالِهِ، لَتَفَاضَلَا مَعَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ، فوجب إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ مُطْلَقًا أَنْ يَتَفَاضَلَا مَعَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ.
وَيَتَحَرَّرُ مِنْ هَذَا الِاعْتِلَالِ قِيَاسَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا تَفَاضَلَا فِيهِ مع التقدير يتفاضلان فِيهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ كَالْإِجَازَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَا تَفَاضَلَا فِيهِ مَعَ الْإِجَازَةِ تَفَاضَلَا فِيهِ مَعَ الرد كالمقدر.
وأما الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا زَادَ لا يملكها فصارت في حق غيره: فهو أن الرد وإن استحق فليس بمستحق فِي وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ عَلَى الْوَرَثَةِ انْصِرَافُ الثُّلُثِ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا عَلَى اسْتِوَاءٍ، أو تفاضل فيطل حقهم فيه، ويرجع إلى قصد الموصل فِيهِ.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ قَدْ تَضَمَّنَتْ تَقْدِيرًا وَتَفْضِيلًا، فَيُقَالُ: لَيْسَ بُطْلَانُ أَحَدِهِمَا مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْآخَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ النصف يعد الثُّلُثِ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ لَزِمَ مَا قَالُوا، لَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ النِّصْفِ بِأَسْرِهَا. فَلَمَّا لَمْ تَبْطُلْ بِالرَّدِّ إِلَى الثُّلُثِ، لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ التَّفْضِيلِ بِالرَّدِّ إِلَى الثُّلُثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا إِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِبَعْضِهِمْ وَرَدُّوهَا لِبَعْضِهِمْ مِثْلَ أَنْ يُجِيزُوا صَاحِبَ الثُّلُثِ وَيَرُدُّوا صَاحِبَ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ، فَتُقَسَّمُ الْوَصَايَا مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا يَنْقَسِمُ ثلاثة عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَيُعْطَى صَاحِبُ النِّصْفِ سِتَّةَ أَسْهُمٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَيَكُونُ ثلاثة مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ. وَيُعْطَى صَاحِبُ الرُّبُعِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ.
وَأَمَّا صَاحِبُ الثُّلُثِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّكَ تُعْطِيهِ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ، مَعَ دُخُولِ الْعَوْلِ عَلَيْهِ، كَالَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ، لَوْ وَقَعَتِ الْإِجَازَةُ لِجَمِيعِهِمْ فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ عَوْلٍ. لأنه إنما أخذ الثُّلُثَ عَائِلًا مَعَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لِجَمِيعِهِمْ، لِضِيقِ المال عن سهامهم. وإذا أجازوا ذلك لبعضهم، اتسع المال لتكمل سَهْمِ مَنْ أُجِيزَ لَهُ مِنْهُمْ.
فَعَلَى هَذَا يأخذ ثلاثة عشر من تسعة عشر من تسعة وثلاثين، ثم على هذا القياس. ولو أُجِيزَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ، أَوْ لِصَاحِبِ الرُّبُعِ وَحْدَهُ، أَوْ لَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ صَاحِبِ الثلث.
[فصل:]
ولو أوصى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَهُمَا كَانَ الْمَالُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا على أربعة أسهم، لأنه مال وثلث، يَكُونُ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثٍ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمٌ.
وَقَالَ دَاوُدُ يَكُونُ لصاحب المال ثلثا المال، ولصاحب الثلث جميع ثلث المال.