أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: بِأَدَاءِ الثَّمَنِ.
وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي غُرَمَاءِ الْعَبْدِ، هَلْ مَلَكُوا بِدُيُونِهِمْ حَجْرًا عَلَى مَا بِيَدِهِ أَوْ لَا؟
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ سَيِّدِهِ فِيهِ إِذْنٌ وَلَا نَهْيٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشِّرَاءَ بَاطِلٌ كَالْمَضَارِبِ إِذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ أَبَا رَبِّهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ شِرَاءُ الْعَبْدِ بِعَيْنِ الْمَالِ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِذِي ذِمَّةٍ يُعَامَلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يُعَامَلُ عَلَى مَا بِيَدِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الشِّرَاءَ صَحِيحٌ، لِأَنَّ عَقْدَ الْعَبْدِ مَنْسُوبٌ إِلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ فَصَارَ عَقْدُهُ كَعَقْدِهِ.
فَعَلَى هَذَا هَلْ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ أَوْ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ؟
عَلَى مَا مَضَى مِنْ وَجْهَيْنِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ أَبَا نَفْسِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَكَانَ عَلَى رِقِّهِ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لسيده لا لنفسه.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنِ اشْتَرَى الْمُقَارِضُ أَبَا نَفْسِهِ بِمَالِ رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْمَالِ فضلٌ أَوْ لَا فَضْلَ فِيهِ فسواءٌ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ وكيلٍ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ فَبَيْعُهُ جائزٌ وَلَا رِبْحَ لِلْعَامِلِ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ مَالَهُ وَلَا يَسْتَوْفِيهِ رَبُّهُ إِلَّا وَقَدْ بَاعَ أَبَاهُ وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ إِلَى رَبِّهِ كَانَ مُشَارِكًا لَهُ وَلَوْ خَسِرَ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا أَقَلُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ فِيمَا بَقِيَ شَرِيكًا لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئَا زَائِدًا مَلَكَهُ نَاقِصًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ أَبَا نَفْسِهِ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ عِنْدَ شِرَائِهِ رِبْحٌ يَسْتَحِقُّ فِيهِ سَهْمًا أَوْ لَا رِبْحَ فِيهِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ أَبُو الْعَامِلِ عَلَى رِقِّهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَمْلِكْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَاءِ أَبِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يَسْتَحِقُّ فِيهِ بِعَمَلِهِ سَهْمًا فَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فِي الْعَامِلِ - هَلْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الرِّبْحِ بِعَمَلِهِ وَمَالِكًا لِحَقِّهِ مِنْهُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟ أَوْ هُوَ وَكِيلٌ يَأْخُذُ مَا شَرَطَ مِنَ الرِّبْحِ أُجْرَةً يَمْلِكُهَا بِالْحِصَصِ؟