للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا أَنْ يُعْتِقَ الْمَرِيضُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا وَيَبْطُلُ مِيرَاثُهَا لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ لَوْ وَرِثَتْ بَطَلَتْ وَبُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهَا مُوجِبٌ لِبُطْلَانِ نِكَاحِهَا وَإِرْثِهَا فَثَبَتَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْإِرْثُ.

وَمِنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ عَلَى صَدَاقٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَكَانَ قِيمَتُهَا حِينَ أَعْتَقَهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَخَلَّفَ سِوَاهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَسْقُطُ مِيرَاثُهَا وَمَهْرُهَا. أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَأَمَّا مَهْرُهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ لِأَنَّهَا إِذَا أَخَذَتْهُ مِنَ التَّرِكَةِ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَا يَخْرُجُ قِيمَتُهَا وَهِيَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الصَّدَاقِ يَكُونُ مَعَ قِيمَتِهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُلُثُهَا: سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا فَتَوَجَّبُ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثَاهَا وَيُرَقَّ ثُلُثُهَا وَفِي اسْتِرْقَاقِ ثُلُثِهَا بُطْلَانُ نِكَاحِهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَةً يَمْلِكُهَا أَوْ يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهَا وَبُطْلَانُ النِّكَاحِ مُوجِبٌ لِبُطْلَانِ صَدَاقِهَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ الصَّدَاقُ لِيَخْرُجَ قِيمَتُهَا مِنَ الثُّلُثِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ لِمَا فِي دَفْعِهِ مِنْ بُطْلَانِ الصَّدَاقِ وَالنِّكَاحِ.

وَمِنْهَا أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ عَلَى صَدَاقٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ يُعْتِقُهَا فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَيُخَلِّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَتَصِيرُ التَّرِكَةُ ثلاثمائة درهم مائة درهم قيمتها ومئة دِرْهَمٍ صَدَاقُهَا وَمِائَةُ دِرْهَمٍ تَرِكَةُ سَيِّدِهَا فَتُعْتَقُ لِخُرُوجِ قِيمَتِهَا مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَكُونُ لَهَا إِذَا عُتِقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ خِيَارٌ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّ فَسْخَهَا لِنِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ لِصَدَاقِهَا فَتَصِيرُ التَّرِكَةُ بَعْدَ الصَّدَاقِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَخْرُجُ قِيمَتُهَا مِنْ ثُلُثِهَا فَيُرَقُّ بَعْضُهَا لِعَجْزِ الثُّلُثِ وَرِقُّ بَعْضِهَا يَمْنَعُهَا مِنِ اخْتِيَارِ الْفَسْخِ فَصَارَ اخْتِيَارُهَا لِلْفَسْخِ مُفْضِيًا إِلَى بُطْلَانِ الْعِتْقِ وَالْفَسْخِ فَأُثْبِتَ الْعِتْقُ وَأُبْطِلَ الْفَسْخُ.

وَمِنْهَا أَنْ يُعْتِقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدَيْنِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَيَدَّعِي عَلَيْهِ رجل ديناً يحيط بقيمتيها فَيَشْهَدُ لَهُ الْمُعَتَقَانِ بِدَيْنِهِ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمَا لِمَا فِي إِثْبَاتِهَا مِنْ إِبْطَالِ عِتْقِهِمَا وَرَدِّ شَهَادَتِهِمَا.

فَصْلٌ

: وَإِذْ قَدْ مَضَى شَوَاهِدُ تِلْكَ الْأُصُولِ فَلَوْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ أَخًا فَادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَهُ الْأَخُ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَفِي مِيرَاثِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي يَمِينِ الْمُدَّعِي: هَلْ تَجْرِي مَجْرَى البينة أو مجرى الإقرار؟

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى إِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا لَا مِيرَاثَ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِالْبُنُوَّةِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ لِمَا فيه توريثه من حجبه.

والقول الثاني: أنه يَمِينَهُ بَعْدَ النُّكُولِ تَجْرِي مَجْرَى الْبَيِّنَةِ فَعَلَى هَذَا يَرِثُ الِابْنُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بنسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>