للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصارت كالموصي يشتري عبدا يُعْتَقُ عَنْهُ، جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْوَارِثِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ فِي الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ فِي مقابله بدل.

والقسم الثاني: أن يكون بقدر أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَتُدْفَعُ إِلَى أَجْنَبِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ إِلَى وَارِثٍ، لِأَنَّ فِيهَا وَصِيَّةً بالزيادة.

والقسم الثالث: أن يكون أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يحج عنه أحججناه، وَارِثًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ بِهَا، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ، وعادت ميراثا، ولم يزد فِي الثُّلُثِ عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا، كَمَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِرَجُلٍ، فَرَدَّ الْوَصِيَّةَ، عَادَتْ إِلَى الْوَرَثَةِ، دُونَ أَهْلِ الْوَصَايَا.

وَإِنْ سَمَّى مَنْ يَحُجُّ بها بمائة لَمْ يُعْدَلْ بِهَا عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، مَعَ إمكان دفعها إليه. ثم لا تخلو حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَتُدْفَعُ إِلَى الْمُسَمَّى لَهَا، وَارِثًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ. فَإِنْ لَمْ يقبلها المسمى بها، دُفِعَتْ حِينَئِذٍ إِلَى غَيْرِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يكون أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَا يَخْلُو الْمُسَمَّى لَهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ.

فَإِنْ كَانَ وَارِثًا: فَالزِّيَادَةُ عَلَى أُجْرَةِ المثل وصية يمنع منها الوراث.

فإن وصى بأجرة المثل منها: دفعت إليه دون غير وَرُدَّتِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ.

وَإِنْ لَمْ يَرْضَ إِلَّا بِالْمِائَةِ كُلِّهَا، مُنِعَ مِنْهَا، وَلَمْ يَجُزْ أن تدفع إليه لما فيها من الوصية لها، وَعُدِلَ إِلَى غَيْرِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ دُونَ الْمِائَةِ، لأن الزيادة على أجرة المثل وصية بمسمى، وَيَعُودُ الْبَاقِي مِيرَاثًا.

وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى غَيْرَ وارث دفعت إليه المائة إن قبلها، وإن لَمْ يَقْبَلْهَا عُدِلَ إِلَى غَيْرِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَعَادَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا مِيرَاثًا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْمِائَةُ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ قنع المسمى بها، دُفِعَتْ إِلَيْهِ، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ.

وإن لم يقنع بها، ووجد غيره مما يَقْنَعُ بِهَا، دُفِعَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا وصية للمسمى فتبطل بالعدول. وإن لم يوجد من يحج عادت ميراثا، ولم يرجع إِلَى الثُّلُثِ.

فَأَمَّا إِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنِ احْتِمَالِ الْمِائَةِ كُلِّهَا: أُخْرِجَ مِنْهَا قَدْرُ مَا احتمله الثلث فيصير هُوَ الْقَدْرُ الْمُوصَى بِهِ، فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يقول أحجوا عني بِثُلُثِي، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ الثُّلُثُ، إِلَّا في حجة واحدة، وإن اتسع لغيرها، لأنه عين عليها فتصير كَالْوَصِيَّةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فِي أَنْ يُسَمَّى مَنْ يحج عنه، أو يسميه فتكون على ما مضى من التقسيم والجواب.

فإما أَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالثُّلُثِ مِنْ بَلَدِهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْحَجِّ عَنْهُ مِنْ ميقاته، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>