للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِاللَّهِ، وَيَجُوزَ أَنْ يُرِيدَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَبِمَا لَا تَنْعَقِدُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ الْقَسَمُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " فَإِنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا يَمِينًا فَهِيَ يمينٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَوْعِدًا فليست بيمينٍ كقوله سأحلف (قال المزني) رحمه الله وَفِي الْإِمْلَاءِ هِيَ يمينٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قَوْلُهُ: " أُقْسِمُ بِاللَّهِ " فَيَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بِهَا يَمِينًا فِي الْحَالِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ سَيُقْسِمُ يَمِينًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَصَارَ احْتِمَالُهُمَا لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ كَاحْتِمَالِ قَوْلِهِ: أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ، لِأَمْرَيْنِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الِاحْتِمَالِ، لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي أَقْسَمْتُ لِيَمِينٍ مَاضِيَةٍ وَفِي قَوْلِهِ: " أُقْسِمُ " لِيَمِينٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُعْتَبَرًا بِأَحْوَالِهِ الثلاثة:

أحدهما: أَنْ يُرِيدَ بِهَا عَقْدَ يَمِينٍ فِي الْحَالِ، فَتَنْعَقِدَ يَمِينُهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً، فَيَعْقِدَ يمينه اعتباراً في الإطلاق يعرف الشَّرْعِ وَالِاسْتِعْمَالِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} (المائدة: ١٠٧) .

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُرِيدَ بِهَا مَوْعِدًا فِي يَمِينٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، فَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَيْمَانِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ يَمِينًا حَمَلًا عَلَى إِرَادَتِهِ فِي الْمَوْعِدِ، وَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْإِيلَاءِ أَنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا فِي الْحَالِ، فَخَرَّجَهُ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَمْلُ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ وَالْإِيلَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَالثَّانِي: حَمْلُ الْجَوَابِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وإِنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا يَمِينًا فَلَيْسَتْ بيمينٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو حَالُهُ إِذَا قَالَ: لَعَمْرُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كذا من ثلاثة أحوالٍ:

أحدهما: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْيَمِينَ، فَتَكُونُ يَمِينَا مُكَفَّرَةً، لِأَنَّ لِلنَّاسِ فِي مَعْنَاهُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: مَعْنَاهُ عِلْمُ اللَّهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ.

وَالثَّانِي: بَقَاءُ اللَّهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَالثَّالِثُ: وَحَقِّ اللَّهِ وَأَيُّ هَذِهِ الْمَعَانِي كَانَ، فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>