للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب موقف صلاة المأموم مع الإمام)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا أَمَّ رَجُلٌ رَجُلًا قَامَ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوِ امْرَأَةً قَامَ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا خَلْفَهُ وَحْدَهُ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَّ أَنَسًا وَعَجُوزًا مُنْفَرِدَةً خَلْفَ أَنَسٍ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَمَّ رَجُلٌ رَجُلًا فَالسُّنَّةُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: يَقِفُ الْمَأْمُومُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: يَقِفُ خَلْفَهُ إِلَى أَنْ يَرْكَعَ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ آخَرُ وَقَفَا خَلْفَهُ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ تَقَدَّمَ وَوَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ رِوَايَةُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَّهُ وَامْرَأَةً، فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمَرْأَةَ وَرَاءَهُ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا وَجَدَ خِفَّةً مِنْ مَرَضِهِ خَرَجَ وَوَقَفَ عَلَى يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلِرِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَوَضَّأَ، وَقَامَ لِيُصَلِّيَ، فَقُمْتُ وَتَوَضَّأْتُ مِثْلَ وُضُوئِهِ، وَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي بِيَمِينِهِ وَأَدَارَنِي مِنْ وَرَائِهِ وَأَقَامَنِي عَلَى يَمِينِهِ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ عَنْ يَمِينِهِ وَيَنْوِي بِهِ التَّحِيَّةَ لِلْمَأْمُومِينَ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يُحَيِّي فِيهَا، فَلَوْ خَالَفَ الْمَأْمُومُ ذَلِكَ فَوَقَفَ خَلْفَهُ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ كَانَتْ صَلَاتُهُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ فَنَقَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى يَمِينِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْشَأَ الصَّلَاةَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ

فَأَمَّا إِنْ أَمَّ رَجُلَيْنِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَقِفَا صَفًّا خَلْفَهُ، لِمَا رَوَى أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَّهُ وَيَتِيمًا فَوَقَفَا خَلْفَهُ، وَوَقَفَتْ جَدَّةُ أَنَسٍ خَلْفَهُمَا وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ أَمَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَخَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ فَأَقَامَهُمَا خَلْفَهُ صَفًّا، فَلَوْ وَقَفَا عَلَى يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ أَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>