للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: بَعْدَهُ.

فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الطَّعَامِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، أَوْ غَيْرَ مَعْلُومِ الْقَدْرِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومِ الْقَدْرِ كَانَ كَالثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ إِذَا اخْتَلَطَتْ بِثَمَرَةٍ حَادِثَةٍ فَيَكُونُ فِي الْبَيْعِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ فَإِنْ تَرَاضَيَا وَاتَّفَقَا وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَذَلِكَ يَكُونُ بأحد ثلاثة أوجه:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومَ الْكَيْلِ فَيَعْلَمَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ كَيْلِ الْمَبِيعِ قَدْرَ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَعْلُومِ الْكَيْلِ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَيَعْلَمُ بِقَدْرِ اسْتِيفَاءِ كَيْلِ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ قَدْرَ الْمَبِيعِ.

فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ صَارَ مُخْتَلِطَ الْعَيْنِ مُتَمَيِّزَ الْقَدْرِ وَكَانَ تَمَيُّزُ الْقَدْرِ يَمْنَعُ مِنَ الْجَهَالَةِ وَهُوَ أَقْوَى الْمَقْصُودِينَ مِنْهُ فَصَحَّ الْبَيْعُ وَكَانَ اخْتِلَاطُ الْعَيْنِ مُغَيِّرًا لِلصِّفَةِ مَعَ تَقَارُبِ الْأَجْزَاءِ فَصَارَ عَيْبًا يُوجِبُ الْخِيَارَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَامَ صَارَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَّتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامَانِ مُتَمَاثِلِيِ الْقِيمَةِ تَقَاسَمَاهُ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيِ الْقِيمَةِ بِيعَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِهِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الطَّعَامَيْنِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ ذَلِكَ كَيْلًا عَلَى الْحِصَصِ دُونَ الْقِيَمِ فَيَجُوزُ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَاطُ الطَّعَامِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَالْبَيْعُ مَاضٍ لَا يَفْسُدُ لِانْبِرَامِهِ بِالْقَبْضِ.

فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّعَامِ إِذَا اخْتَلَطَ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَمْ يَبْطُلِ الْبَيْعُ فِيهِ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ إِذَا اخْتَلَطَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي شَجَرِهَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهَا؟ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ:

قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَبْضَ الطَّعَامِ قَدِ اسْتَقَرَّ فَانْبَرَمَتْ عِلَّةُ الْعَقْدِ، وَقَبْضُ الثَّمَرَةِ عَلَى نَخْلِهَا وَفِي شَجَرِهَا غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَعِلَّةُ الْعَقْدِ لَمْ تَنْبَرِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ عَطِشَتْ عَلَى نَخْلِهَا وَشَجَرِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِهَا، كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُشْتَرِي خِيَارَ الْفَسْخِ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ مُسْتَقِرًّا وَالْعَقْدُ مُنْبَرِمًا مَا اسْتَحَقَّ بِهِ الْفَسْخَ كَمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الطَّعَامِ بَعْدَ الْقَبْضِ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الطَّعَامِ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَوْجُهِ الَّتِي مَضَتْ تَقَاسَمَاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>