وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَيْسَ مِنْهَا كَغَسْلِ الرَّأْسِ فِي تَجَاوُزِهِ إِلَى مَا لَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ لِيَسْتَوْفِيَ بِهِ جَمِيعَ الوجه كالصائم يستزيد بإمساك جزئين مِنْ طَرَفَيِ اللَّيْلِ لِيَسْتَوْفِيَ بِهِ إِمْسَاكَ جَمِيعِ النَّهَارِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ رَجْعَتُهَا فِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي: " وَتُصَدَّقُ عَلَى ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ فِي أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَا أَقَلُّ الزَّمَانِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ بِثَلَاثَةِ أَقَرَاءٍ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَسَاعَتَانِ، وَبَيَانُهُ أَنْ يُطَلِّقَ مِنْ آخِرِ الطُّهْرِ فَتَكُونُ السَّاعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ قُرْءًا ثُمَّ يَمْضِي أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ثُمَّ أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ الْقُرْءُ الثَّانِي، ثُمَّ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ثُمَّ أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ الْقُرْءُ الثَّالِثُ فَإِذَا طَعَنَتْ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا اعْتِبَارًا بِالْيَقِينِ فِي أَقَلِّ الطُّهْرَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَأَقَلِّ حَيْضَتَيْنِ وَذَلِكَ يَوْمَانِ وَلَيْلَتَانِ وَسَاعَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ طُهْرٍ هِيَ قُرْءٌ، وَسَاعَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ حَيْضٍ يُعْلَمُ بِهَا انْقِضَاءُ الطُّهْرِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: أَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَسَاعَةٌ وَاحِدَةٌ اعْتِبَارًا بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَلَاثِ حيضات وطهرين؛ لأن أقل الحيض عندهما ثلاث أَيَّامٍ وَبَيَانُهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْحَيْضِ ثُمَّ يَمْضِي ثَلَاثُ حَيْضَاتٍ أَقَلُّهَا تِسْعَةُ أَيَّامٍ يَتَخَلَّلُهَا طُهْرَانِ أَقَلُّهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا، ثُمَّ تَدْخُلُ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ طُهْرِهَا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ سِتُّونَ يَوْمًا وَسَاعَةٌ مِنْ طُهْرِهَا اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِ حَيْضَاتٍ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَهُ وَالْأَقَلُّ مِنْ طُهْرَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَسَاعَةٌ يَدْخُلُ بِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ فَوَافَقَ فِي اعْتِبَارِ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَخَالَفَنَا وَخَالَفَ صَاحِبَهُ فِي اعْتِبَارِهِ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ اعْتِبَارُ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَجَبَ اعْتِبَارُ أَقَلِّ الْحَيْضِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ اعْتِبَارَ الْيَقِينِ وَجَبَ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَلَا يَخْلُو حَالُ طلاقها من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي طُهْرٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي حَيْضٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يعلم واحداً منهما. فإذا عَلِمَ أَنَّهُ فِي طُهْرٍ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute