(بَابُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَالْعُذْرِ بِتَرْكِهَا)
(مَسْأَلَةٌ)
: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بسبع وعشرين درجة ". قال الشافعي: " ولا أُرخِّصُ لمن قدَر على صلاةِ الجماعةِ في تركِ إتيانها إلا من عُذر "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لِلْجُمُعَةِ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ لَهَا فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ فَأَمَّا الْجَمَاعَةُ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ فَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ أَمْ سُنَّةٌ؟ فَذَهَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهَا فَرَضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَذَهَبَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ: هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالْجُمُعَةِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَمِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَغَيْرُهُ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ منهم معك} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ
فَأَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، وَالشِّدَّةِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي تَرْكِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِهَا
وَبِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُر بالحَطب فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُر بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُر رَجُلًا فَيَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ لَمْ يَشْهَدُوا الصَّلَاةَ وَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ " فَلَمَّا تَوَاعَدَ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْهَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا
وَبِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute