للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْتَهِنَ قَبُولُ الْأَرْشِ، وَكَانَ لَهُ فَسْخُ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ، لِاسْتِحْقَاقِهِ بِوُجُودِ الْعَيْبِ كَالْمُشْتَرِي الَّذِي يَسْتَحِقُّ رَدَّ مَا ابْتَاعَهُ لِوُجُودِ الْعَيْبِ.

وَإِنْ بَذَلَ لَهُ الْأَرْشَ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُرْتَهِنُ بِالْعَيْبِ حَتَّى حَدَثَ عِنْدَهُ بِالرَّهْنِ عَيْبٌ آخَرُ، كَانَ لَهُ فَسْخُ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إِذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ آخَرُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ عَيْبَ الْمَبِيعِ إِذَا حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبِهِ، وَلَيْسَ عَيْبُ الرَّهْنِ إِذَا حَدَثَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ضَمَانِهِ، وَكَانَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبِهِ.

فَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُرْتَهِنُ بِالْعَيْبِ حَتَّى ارْتَفَعَ فِي يَدِهِ، كَانَ فِي خِيَارِهِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ، اعْتِبَارًا بِوُجُوبِهِ فِي الِابْتِدَاءِ.

وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ، اعْتِبَارًا بِسُقُوطِهِ فِي الِانْتِهَاءِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ تَالِفًا قَبْلَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْبِهِ، كَعَبْدٍ مَاتَ فِي يَدِهِ، أَوْ ثَوْبٍ سُرِقَ مِنْ حِرْزِهِ، ثُمَّ عَلِمَ حِينَئِذٍ بِعَيْبِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، لِفَوَاتِ رَدِّهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِأَرْشِهِ، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِأَرْشِهِ عِنْدَ فَوَاتِ رَدِّهِ؟ فَهَلَّا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ بِأَرْشِهِ عِنْدَ فَوَاتِ رَدِّهِ؟ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ سَلِيمًا أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ أَرْشِهِ مَعِيبًا، ولما لم يجبر الراهن على تسليم الراهن سَلِيمًا، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَسْلِيمِ أَرْشِهِ مَعِيبًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْأَرْشِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْمَبِيعِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَى الرَّاهِنِ دَفْعُ الْحَقِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَدُّ الْأَرْشِ لِفَوَاتِ رَدِّ الرَّهْنِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي مَنْعِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْأَرْشِ تَفْوِيتٌ لِحَقِّهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْعِ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْأَرْشِ تَفْوِيتٌ لِحَقِّهِ، لِأَنَّ حَقَّهُ مُوَثَّقٌ فِي ذِمَّةِ رَاهِنِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا فَمَاتَ فِي يَدِهِ وَمَاتَ الْآخَرُ فِي يَدِ رَاهِنِهِ أَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ.

(فَصْلٌ)

إِذَا ارْتَهَنَ عَبْدًا فَقُتِلَ فِي يَدِ مُرْتَهِنِهِ، ثُمَّ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِعَيْبٍ كَانَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ قَدْ أَوْجَبَ مَالًا، تَرَكَ مَكَانَهُ رَهْنًا، وَلِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الْبَيْعِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ فَاتَ رَدُّ العبد بعينه،

<<  <  ج: ص:  >  >>