للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا فَرْقَ بَيْنَ يَسَارِ السَّيِّدِ وَإِعْسَارِهِ إِلَّا فِي تَعْجِيلِ الْغُرْمِ بِالْيَسَارِ وَإِنْظَارِهِ بِالْإِعْسَارِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فَمَنْ قَالَ بِهَذَا اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ مُوسِرًا نَفَذَ عِتْقُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ معسراً فعلى قولين، فإن صَحَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْتِيبِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَفِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْعِتْقَ قَدْ نَفَذَ أَجَزْأَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ لأنه عتق لا يستحق في غيره الْكَفَّارَةِ وَكَانَ الْمُعْتِقُ ضَامِنًا لِأَرْشِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فَمَا دُونَ ضَمِنَ جَمِيعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي قَدْرِ مَا يَضْمَنُهُ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْرُ قِيمَتِهِ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ لَوْ بِيعَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَضْمَنَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ كُلَّهُ لِأَنَّهُ لَوْ مُكِّنَ مِنْ بَيْعِهِ لَجَازَ أَنْ يُوجَدَ رَاغِبٌ يَشْتَرِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفَذُ فِي الْحَالِ فَهَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى أَدَاءِ الْأَرْشِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَكُونُ مَوْقُوفًا فَإِنْ أَدَّى السَّيِّدُ مَالَ الْجِنَايَةِ عُتِقَ حِينَئِذٍ وَأَجْزَأَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَإِنْ بِيعَ فِيهَا بَطَلَ وَكَذَلِكَ الْمَرْهُونُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ أَدَّى الرَّهْنَ وَالْجِنَايَةَ أَجْزَأَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَوْقُوفًا وَيَكُونُ بَاطِلًا مُرَاعَاةً لِأَنَّ الْعِتْقَ النَّاجِزَ لَا يُوقَفُ وَالْمَوْقُوفُ مَا عُلِّقَ بِالصِّفَاتِ وَهَذَا غَيْرُ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ أَدَّى أَجْزَأَهُ عَلَى إِجْزَاءِ الْأَدَاءِ دُونَ الْعِتْقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قال الشافعي رضي الله عنه: ((قَالَ) وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ غَائِبًا فَهُوَ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ الْغَائِبِ إِذَا أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِحَيَاتِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا، فَإِنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ حِينَ أَعْتَقَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ بِالْغَيْبَةِ بِإِبَاقٍ أَوْ غَيْرِ إِبَاقٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ صَادَفَ مِلْكًا تَامًّا وَمَنَافِعُ الْعَبْدِ فِي الْغَيْبَةِ كَامِلَةٌ وَقَدْ مَلَكَهَا بِالْعِتْقِ بَعْدَ أَنْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا بِالْإِبَاقِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِالْعِتْقِ أَوْ لَمْ يعلم لأن عمله لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ فَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي حُصُولِ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِحَيَاتِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: -

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُجْزِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مُصَادَفَتِهَا لِمِلْكٍ تَامٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>