أَلْزَمُوهُ بِالطَّلَاقِ بِمَا أَوْجَبُوهُ لَهُ مِنَ الْعِوَضِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ، لِحَقِّهِ فِي بِضْعِهَا، فَإِذَا لَمْ يَصِلُ إِلَيْهِ، كَانَ لَهُ الْوُصُولُ إِلَى بَدَلِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ نُظِرَ.
فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشُّهُودِ بِشَيْءٍ، لِوُصُولِهِ إِلَى الْمَهْرِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ أَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ بِالْبَاقِي مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيَسْتَكْمِلَهُ مِنَ الشُّهُودِ وَالزَّوْجَةِ.
وَمَثَلُهُ أَنْ يَشْهَدُوا بِشَفْعَتِهِ فِي مَبِيعٍ وَيُنْتَزَعُ مِنْ مُشْتَرِيهِ بِثَمَنِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَمَّا شَهِدُوا بِهِ مِنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَ قِيمَةِ الْمِلْكِ لَمْ يُضَمَّنُوا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ضُمِّنُوا فَاضِلَ الْقِيمَةِ.
وَهَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ فَانْتُزِعَ مِنْهُ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ رَجَعُوا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَ قِيمَتِهِ لَمْ يُضَمَّنُوا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ ضُمِّنُوا فَاضِلَ الْقِيمَةِ.
وَلَوْ شَهِدُوا بِهِبَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا.
فَإِنْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْمُكَافَأَةِ لَمْ يُضَمَّنُوا، وَإِنْ قِيلَ بِسُقُوطِهَا ضُمِّنُوا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنَّ تَبِينَ بِالْوَاحِدَةِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ طَلْقَتَيْنِ فَصَارَتْ بَائِنَةً بِالثَّالِثَةِ، فَقَدْ أَحَالَ الشُّهُودُ بِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِضْعِهَا، فَلَزِمَهُمُ الْغُرْمُ بِحُكْمِ الْإِحَالَةِ وَفِي قَدْرِ مَا يَلْزَمُهُمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: جَمِيعُ الْمَهْرِ، لِأَنَّهمْ مَنَعُوهُ مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ الْبِضْعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُمْ ثُلُثُ الْمَهْرِ، لِأَنَّه مَمْنُوعٌ مِنْ بِضْعِهَا بِثَلَاثِ طَلَقَاتٍ اخْتَصَّ الشُّهُودُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَكَانَ ثُلُثُ الْمَنْعِ مِنْهُمْ فَوَجَبَ ثُلُثُ الْمَهْرِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَشَهِدُوا بِطَلْقَتَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِثُلُثَيِ الْمَهْرِ.
فَهَذَا حُكْمُ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ إِذَا رَجَعُوا عَنْهُ.
( [الْقَوْلُ فِي رُجُوعِ شُهُودِ الْعِتْقِ] )
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا شَهَادَتُهُمْ بِالْعِتْقِ إِذَا رَجَعُوا عَنْهَا فِي عَبْدٍ كَانَ قِنَّا، فَعَلَيْهِمْ غُرْمُ قِيمَتِهِ بِوِفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ خَالَفَ فِي الطَّلَاقِ.
وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ نُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ، لَا وَقْتَ رُجُوعِهِمْ، لِأَنَّه بِالْحُكْمِ صَارَ مُسْتَهْلَكًا لَا بِالرُّجُوعِ.
فَإِنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِعِتْقِ مُدَبَّرٍ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهُ لَزِمَهُمْ غُرْمُ قِيمَتِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّه قَدْ كَانَ