الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَقْصُورَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِي انْتِهَائِهَا مَوْجُودًا وَابْتِدَائِهَا كَالْجُمُعَةِ
(فَصْلٌ)
: إِذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ يَنْوِي الْإِتْمَامَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ وَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَإِنْ نَوَى التَّمَامَ، قَالَ لِأَنَّ السَّفَرَ يَتَعَلَّقُ بِهِ رُخْصَةُ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يُفْطِرَ فِيهِ وَإِنْ نَوَى الصِّيَامَ جَازَ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ وَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ إِجْمَاعَ الْفُقَهَاءِ هُوَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْحَضَرِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهَا إِلَى صَلَاةِ السَّفَرِ
أَصْلُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ صَارَ مُسَافِرًا بِسَيْرِ السَّفِينَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الصَّوْمِ فَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ مَضْمُونٌ بِالْقَضَاءِ فَلَمْ يَتَحَتَّمْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بِدُخُولِهِ فِيهِ وَالْقَصْرُ لَا يُضَمَّنُ بالقضاء فتحتم عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ بِدُخُولِهِ فِيهِ فَلَوْ أَحْرَمَ نَاوِيًا لِلْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِتْمَامِ قَدْ رَفَعَتِ حُكْمَ الرُّخْصَةِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ شَكَّ هَلْ دَخَلَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْقَصْرِ أَوِ الْإِتْمَامِ لَزِمَهُ أَنْ يتم، لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ، فَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ دَخَلَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ بِالشَّكِّ قَدْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَمَنْ لَزِمَهُ إِتْمَامُ صَلَاةٍ هُوَ فِيهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قَصْرُهَا
(مَسْأَلَةٌ)
: قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي حَضَرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَاةَ حَضَرٍ لِأَنَّ عِلَّةَ الْقَصْرِ هِيَ النَّيَّةُ وَالسَّفَرُ فَإِذَا ذَهَبَتِ العلة القصر ذهب وَإِذَا نَسِيَ صَلَاةً حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي سفرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ أَرْبَعٌ فَلَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْهَا وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لَهُ فِي الْقَصْرِ مَا دَامَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَهُوَ مسافرٌ فَإِذَا زَالَ وَقْتُهَا ذَهَبَتِ الرُّخْصَةُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ
وَهَذَا الْفَصْلُ يَشْمَلُ أَرْبَعَ مَسَائِلَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنْسَى صلاة ثم يذكرها في حضر ققيها قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ يَقْصُرُهَا إِنْ شَاءَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وأبو حنيفة لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ تُؤَدَّى وَتُقْصَرُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَضَاؤُهَا مِثْلَ أَدَائِهَا أَصْلُهُ إِذَا نَسِيَهَا فِي الْحَضَرِ وَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا تَامَّةً لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَامَّةً
وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بَدَلٌ وَالْأَبْدَالُ فِي الْأُصُولِ مِثْلُ مُبْدَلَاتِهَا أَوْ أَخَفُّ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي " الْأُمِّ " وَ " الْإِمْلَاءِ " عَلَيْهِ إِتْمَامُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute