للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَوَتَانُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي ".

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " عِمَارَاتُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ فَيْءٌ وَلِأَنَّ مَا لَمْ يَجر عَلَيْهِ مِلْكٌ نَوْعَانِ: أَرْضٌ، وَحَيَوَانٌ، فَلَمَّا مَلَكَ الْحَيَوَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ بِالِاصْطِيَادِ مَلَكَ مَوَاتَ الْأَرْضِ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ بِالْإِحْيَاءِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ جَوَازُ الْإِحْيَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ شيئان عامر وموات ونما خَصَّ الشَّافِعِيُّ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قِسْمَيِ الْعَامِرِ وَالْمَوَاتِ وَإِنْ كَانَتْ بِلَادُ الشِّرْكِ قِسْمَيْنِ: عَامِرٌ، وَمُوَاتٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ عَامِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لِأَهْلِهِ لَا يُمْلَكُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَعَامِرَ بِلَادِ الشِّرْكِ قَدْ يُمْلَكُ عَلَيْهِمْ قَهْرًا وَغَلَبَةً بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَدَأْنَا بِذِكْرِ الْعَامِرِ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ بِمَوَاتِهِمْ أَمَّا الْعَامِرُ فَلِأَهْلِهِ الَّذِينَ قَدْ مَلَكُوا بِأَحَدِ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ:

أَحَدُهَا: الْمِيرَاثُ.

وَالثَّانِي: الْمُعَاوَضَاتُ.

وَالثَّالِثُ: الْهِبَاتُ.

وَالرَّابِعُ: الْوَصَايَا.

وَالْخَامِسُ: الْوَقْفُ.

وَالسَّادِسُ: الصَّدَقَاتُ.

وَالسَّابِعُ: الْغَنِيمَةُ.

وَالثَّامِنُ: الْإِحْيَاءُ.

فَإِذَا مَلَكَ عَامِرًا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّمَانِيَةِ صَارَ مَالِكًا لَهُ وَلِحَرِيمِهِ وَمَرَافِقِهِ مِنْ فِنَاءٍ وَطَرِيقٍ وَمَسِيلِ مَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقِ الْعَامِرِ الَّتِي لَا يَسْتَغْنِي الْعَامِرُ عَنْهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْعَامِرِ بِإِحْيَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَمَنْ أَحْيَاهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ: حَرِيمُ الْعَامِرِ كَسَائِرِ الْمَوَاتِ مَنْ أَحْيَاهُ فَقَدْ مَلَكَهُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ وَهَذَا خَطَأٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا حِمَى إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: ثُلَّةِ الْبِئْرِ، وَطُولِ الْفَرَسِ، وَحَلْقَةِ الْقَوْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>