للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ إِنْفَاذِ حُكْمِهِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ كُلَّ ذِي حَقٍّ وَحُجَّةٍ عَلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ حَقٍّ وَحُجَّةٍ فَهَذَا مَا تَقْتَضِيهِ شُرُوطُ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى القاضي في الحكم على الغائب.

[(فصل: فيما يجب على القاضي بعد وصول الكتاب إليه) .]

فَإِذَا وَصَلَ كِتَابُ الْقَاضِي عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَوَصَفْنَاهُ مِنْ شُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي الْمُكَاتِبِ إِحْضَارُ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ وَمَسْأَلَتُهُ عَمَّا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْقَاضِي مِنَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.

وَلَهُ فِي الجواب عنه ستة أَحْوَالٍ:

إِحْدَاهَا: أَنْ يُقِرَّ بِوُجُوبِ الْحَقِّ عَلَيْهِ لِطَالِبِهِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، دُونَ الْكِتَابِ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى مِنَ الْكِتَابِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُقِرَّ بِوُجُوبِ الْحَقِّ عَلَيْهِ لِطَالِبِهِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ سُمِعَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ بِهَا، وَإِنْ عَدِمَهَا وَسَأَلَ إِحْلَافَ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُقِرَّ بِوُجُوبِ الْحَقِّ لِغَيْرِ هَذَا الطَّالِبِ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا قَائِمَةً، بَطَلَ إِقْرَارُهُ بِهَا لِغَيْرِ هَذَا الطَّالِبِ، وَكَانَ الطَّالِبُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِهَا أَحَقَّ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ صَارَ مَأْخُوذًا بِإِقْرَارِهِ لِغَيْرِ الطَّالِبِ، وَمَأْخُوذًا بِالْكِتَابِ لِحَقِّ هَذَا الطَّالِبِ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُنْكِرَ وُجُوبَ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَيُقِرَّ بِأَنَّهُ الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ فَيُؤْخَذُ بِالْحَقِّ وَإِنْ أَنْكَرَهُ، لِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَكِتَابُ الْقَاضِي أَوْكَدُ مِنَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ شَهَادَةٍ اقْتَرَنَ بِهَا حُكْمٌ، وَكُتُبُ الْقُضَاةِ حُجَّةٌ عَلَى الْمُنْكِرِينَ دُونَ الْمُقِرِّينَ.

وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُنْكِرَ الْحَقَّ، وَيُنْكِرَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُنْكِرَ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ، وَيَدَّعِيَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ فَلَهُ فيه ثلاثة أحوال:

أحدها: أَنْ يَعْرِفَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ حَتَّى تَقُومَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ فِي عَيْنِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَعْرِفَ بِالْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ وَلَا يَقْبَلُ مَا ادَّعَاهُ من الاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>