للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ الْمَذْكُورِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَعْتَرِفَ بِالِاسْمِ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ اسْمٌ لِغَيْرِهِ قَدْ شَارَكَهُ فِيهِ، وَغَيْرُهُ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يعمل اشْتِرَاكُ جَمَاعَةٍ فِي الِاسْمِ الْمَذْكُورِ، وَأَقَلُّهُمْ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ وَاحِدٌ، فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ هُوَ الْمُسَمَّى فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَعْرِفَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَيُؤْخَذُ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى فِي الظَّاهِرِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ.

فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ غَيْرَهُ يُسَمَّى بِمِثْلِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقِيمَهَا بِاسْمٍ حَيٍّ مَوْجُودٍ قَدْ شَارَكَهُ فِي اسْمِهِ وَنَسَبِهِ، فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ولا يحكم عليه بالحق يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فِي عَيْنِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بَاسِمٍ مَيِّتٍ قَدْ شَارَكَهُ فِي اسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَيِّتِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَاصَرَ الْحَيَّ أَوْ لَمْ يُعَاصِرْهُ.

فَإِنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ، لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْمُشَارَكَةِ فِي الِاسْمِ تَأْثِيرٌ وَكَانَ الْحَيُّ مَأْخُوذًا بِالْحَقِّ، وَمُعَيَّنًا فِيهِ بِالِاسْمِ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ عَاصَرَهُ الْمَيِّتُ لَمْ يَخْلُ مَوْتُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ.

فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ مَنَعَتْ هَذِهِ الْمُشَارَكَةُ مِنْ تَعَيُّنِ الْحُكْمِ عَلَى الْحَيِّ لِمُشَارَكَةِ الْمَيِّتِ فِي الِاسْمِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَارَكَ فِيهِ حَيًّا حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ.

وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أبو حامد الإسفرايني:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الِاشْتِرَاكِ وَيَمْنَعُ مِنَ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ عَلَى الْحَيِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ قَدْ ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ كَثُبُوتِهِ عَلَى الْحَيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ به حكم الاشتراك ويؤخذ الحي بالحق؛ لأنه مُطْلَقَ الْأَحْكَامِ مُتَوَجِّهَةٌ فِي الظَّاهِرِ إِلَى الْأَحْيَاءِ دون الأموات.

والحال السادسة: أن يُنْكِرَ الْحَقَّ، وَيَعْتَرِفَ بِالِاسْمِ، وَيَدَّعِيَ جَرْحَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْحَقِّ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ عَلَى جَرْحِهِمْ.

فَحَكَى الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِجَرْحِهِمْ وَيُؤْخَذُ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ تَوْبَةِ مَنْ تَقَدَّمَ جَرْحُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>