عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَدَّوُا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] بِمَعْنَى فَإِذَا أُدِّيَتْ، وَكَمَا يُقَالُ قَضَيْتُهُ الْحَقَّ إِذَا أَدَّيْتُ
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي التَّشَهُّدِ، وَالْقُنُوتِ، قُلْنَا: لِأَنَّ عَلَيْهِ اتِّبَاعَ إِمَامِهِ كَمَا يَتْبَعُهُ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ السُّجُودِ، وَأَمَّا الْقُنُوتُ فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُهُمْ
(مَسْأَلَةٌ)
: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كل صلاة الأولى فرضة وَالثَانِيَةُ سُنَّةٌ بِطَاعَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ الْفَرِيضَةَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فُرَادَى، ثُمَّ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ جَمَاعَةً فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحُذَيْفَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنْ صَلَّى الْأُولَى مُفْرَدًا أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ صَلَّى الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ أَعَادَهَا إِلَّا مَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ خلفها كالصبح، والعصر
وقال مالك والأوزاعي: كُلَّ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الْمَغْرِبَ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو ثَوْرٍ: يُعِيدُ كُلَّ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ
وَقَالَ أبو حنيفة: يُعِيدُ الظُّهْرَ وَعِشَاءَ الْآخِرَةِ وَلَا يُعِيدُ الصُّبْحَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ
وَاسْتَدَلُّوا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَنْعِ الْإِعَادَةِ بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تُصَلَّى صَلَاةُ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ "
وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا فَرْضَانِ فِي وَقْتٍ "
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ مِنْ مِنًى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا الْتَفَتَ مِنْ سَلَامِهِ إِذَا بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا فَقَالَا: صَلَّيْنَا فِي رحالنا فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذَا جِئْتُمَا فَصَلِّيَا، وَإِنْ كُنْتُمَا قَدْ صَلَّيْتُمَا يَكُونُ لَكُمَا [نَافِلَةً]