للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوصية بالمكاتب والوصية له]

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (إذا أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَعَجَّزَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ ثُمَّ مَلَكَهُ حَتَى يُجَدِّدَ وَصِيَّةً لَهُ بِهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا وَصَّى بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، وَكِتَابَتُهُ صَحِيحَةٌ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً سَوَاءٌ عَجَزَ فَرَقَّ أَوْ أَدَّى فَعَتَقَ لِخُرُوجِهِ بِالْكِتَابَةِ عَنْ مِلْكِهِ، فَصَارَ كَمَنْ وَصَّى بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُهُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، وَإِنْ مَلَكَهُ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ وَصَّيْتُ بِرَقَبَتِهِ إِنْ عَجَزَ وَرَقَّ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهُ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إِلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَالِكًا، فَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ وَنِتَاجِ مَاشِيَةٍ لِجَوَازِ الْوَصَايَا بِالصِّفَاتِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وإذا أوصى بكتابته جازت فِي الثُّلُثِ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ فَإِنْ أَرَادَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ تَأْخِيرَهُ وَالْوَارِثُ تَعْجِيزَهُ فَذَلِكَ للْوَارِث تَصِيرُ رَقَبَتُهُ لَهُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا أَوْصَى بِمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ مَالِ كِتَابَتِهِ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، إِذَا كَانَتِ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً، لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَالِ الْكِتَابَةِ، فَصَارَ مُوصِيًا بِمَا يَمْلِكُ فَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ جَازَ أَنْ تَسْقُطَ بِالْعَجْزِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِمَالٍ غَائِبٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُتْلِفَهُ وَبِدينٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتْوَى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْوَصِيَّةُ تَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ مَا يُؤَدِّيهِ الْمُكَاتَبُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ مَا أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي إِلَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ، لِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تُمَلَّكُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ الْمُكَاتَبِ مِنْ إِحْدَى حَالَتَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ أَوْ يَعْجِزَ، فَإِنْ أَدَّى أُمْضِيَتِ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَا أَدَّاهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ عَجَزَ جَمِيعُهُ عَنِ الثُّلُثِ، أَمْضَى مِنْهُ قَدْرَ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْمُوصَى لَهُ، لِأَنَّهُ أَدَّاهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى عُصْبَتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَدَاءِ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْعَجْزِ، وَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُوصَى له والوارث مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إِنْظَارِهِ فَيَجُوزَ، وَتَكُونَ الْكِتَابَةُ بِحَالِهَا، وَمَا يُؤَدِّيهِ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْإِنْظَارِ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا يَمْلِكُ مَا يُؤَدِّيهِ قَبْلَ الْعَجْزِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>