للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَطْرُدَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ جَرْحَ الشُّهُودِ، وَلَا يُمْكِنُهُ إِطْرَادُ جُرِحِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

( [الْقَوْلُ فِي الْعَدَدِ في شهود الفرع] )

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَقَدْ رَأَيْتُ كَثِيرًا مِنَ الْحُكَامِ وَالْمُفْتِينَ يُجِيزُونَهُ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) وَخَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقَطَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ مِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ وَآمُرُهُ بِطَلَبِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ الْآخَرِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ بِشَيْءٍ كَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ حِكَايَتِهِ لَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَدَدَ مُعْتَبَرٌ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ لِاعْتِبَارِهِ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَخْلُو مِنِ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِيهَا، أَصْلًا كَانَتْ أَوْ فَرْعًا، فَإِذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ مُعْتَبَرَةٌ بِشَاهِدَيْنِ، فلشهادة الفرع ثلاثة أحوال:

أحدها: أَنْ يَشْهَدَ فِي الْفَرْعِ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ، وَيَشْهَدُ آخَرَانِ عَلَى الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَيَصِيرُ شُهُودُ الْفَرْعِ أَرْبَعَةٌ يَتَحَمَّلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ اثْنَانِ، فَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ أَوْلَى مَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْهَدَ فِي الْفَرْعِ وَاحِدٌ عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ يَشْهَدَ آخَرُ عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ، فَهَذَا غَيْرُ مُجْزِي لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ مَذْهَبُنَا، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

وَحُكِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ جَوَازُهُ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ أَصْلَ الْحَقِّ لَمَّا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ، جَازَ أَنْ يَنُوبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ، فَتَصِيرُ نِيَابَتُهُمَا بِشَاهِدَيْنِ.

وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الْعَدَدُ مُعْتَبَرًا فِي الْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ، وَحُكْمُ الْفَرْعِ أَغْلَظُ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ مُوجِبَةٌ لِثُبُوتِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ، وَلَا تَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَشْهَدَ في الفرع شاهدان على أن أَحَدِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ ثُمَّ يَشْهَدَانِ مَعًا عَلَى الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَيَتَحَمَّلُ شَاهِدُ الْفَرْعِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>