للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله: " وإذا ضم متاع السوق إلى بعض في موضع تبايعاه وربط بحبل أو جعل الطعام في حبس وَخِيطَ عَلَيْهِ قُطِعَ وَهَكَذَا يُحْرَزُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هذا المتاع في شوارع الأسواق يكون لها حِرْزًا عَلَى سِتَّةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ من الأمتعة الجافة التي لا تستثقل بِالْيَدِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَفِيفِهَا الَّذِي يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ كَالثَّوْبِ وَالْإِنَاءِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِرْزًا لَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُضَمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى يَجْتَمِعَ وَلَا يَفْتَرِقَ، فَإِنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ حَفِظَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَإِنِ افْتَرَقَ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا.

وَالثَّالِثُ: أن يدرأ عَلَيْهِ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ جَمِيعُهُ إِنْ كَانَ خَشَبًا حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلا بحل الحبل، ويخاط فِي أَعْدَالٍ إِنْ كَانَ حِنْطَةً أَوْ دَقِيقًا حَتَّى لَا يُوصَلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِفَتْقِ خِيَاطَتِهِ وَحَلِّ أَعْدَالِهِ، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي سُوقٍ تُغْلِقُ دُرُوبَهَا، أَوْ فِي قَرْيَةٍ يَقِلُّ أَهْلُهَا، فإن كان في بلد واسع وليس عَلَيْهِ دُرُوبٌ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ أَنِيسًا إِمَّا بِمَسَاكِنَ فِيهَا أَهْلُهَا أَوْ بِحَارِسٍ يَكُونُ مُرَاعِيًا لَهَا، فَإِنِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أُنْسَةُ النَّاسِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا.

وَالسَّادِسُ: أن يكون الوقت ساكناً وَالْفَسَادُ قَلِيلًا، فَإِنْ تَحَرَّكَتْ فِتْنَةٌ أَوِ انْتَشَرَ فَسَادٌ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا، فَهَذَا أَوَّلُ نَوْعٍ ذكره الشافعي من الأحراز، والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وإذا كَانَ يَقُودُ قِطَارَ إِبِلٍ أَوْ يَسُوقُهَا وَقُطِرَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَسَرَقَ مِنْهَا أَوْ مِمَّا عليها شيئاً قُطِعَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ ثَانٍ مِنَ الْأَحْرَازِ، لِأَنَّهَا فِي السَّيْرِ فِي الْأَسْفَارِ مُخَالِفَةٌ لَهَا فِي الْمُقَامِ وَالْأَمْصَارِ، فَإِذَا قُطِرَتِ الْإِبِلُ سَائِرَةً وَعَلَيْهَا الْحُمُولَةُ كَانَ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي الْقِطَارِ حِرْزًا لِمَا رَآهُ مِنْهَا وَقَدَرَ عَلَى زَجْرِهَا فِي مَسِيرِهَا، فَيَصِيرُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ الرُّؤْيَةِ والزجر حرزاً دون إحداهما، وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، فإن تجاوزت إلى أَرْبَعَةٍ وَغَايَتُهُ خَمْسَةٌ إِنْ كَانَ فِي الْجَمَالِ فضل جلد وشهامة سواء كان قائداً أو سائقا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ سَائِقًا كَانَ حِرْزًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ قَائِدًا كَانَ حِرْزًا لِلْأَوَّلِ الَّذِي يَقُودُهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ السَّائِقُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْقَائِدُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ بُعْدَ الْأَخِيرِ مِنَ الْقَائِدِ كَبُعْدِ الْأَوَّلِ مِنَ السَّائِقِ، ولم يَمْنَعْ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>