والحالة الثانية: أن يقطع جميعه ففيه قولان لَا إِيلَاءَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْإِمْلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ بِيَمِينِهِ ضَرَرًا عَلَى زَوْجَتِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا وَقْفَ وَلَا مُطَالَبَةَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ هَاهُنَا، وَفِي كِتَابِ (الْأُمِّ) يَكُونُ مُولِيًا، لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَصَارَ كَقَصْدِهِ الْإِضْرَارَ بِفِعْلِهِ كَالْمَرِيضِ، فَعَلَى هَذَا يُوقَفُ لَهَا مُدَّةَ التَّرَبُّصِ ثُمَّ يُطَالَبُ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، إِلَّا أَنَّهَا فَيْئَةُ مَعْذُورٍ بِاللِّسَانِ فَيَقُولُ لَسْتُ أَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَلَوْ أَقْدَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ لَوَطِئْتُ فَيَسْقُطُ بِهَذِهِ الْفَيْئَةِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَلَمْ تَجِبْ بِهَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ لم يحنث.
[(مسألة:)]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: (وَلَوْ آلَى صَحِيحًا ثُمَّ جُبَّ ذَكَرُهُ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ مَكَانَهَا فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقَهُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا آلَى الْفَحْلُ ثم خصي فهو على إيلائه لأنه الْخَصْيَ لَمَّا لَمْ يَمْنَعِ ابْتِدَاءَ الْإِيلَاءِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنِ اسْتَدَامَتِهِ، فَأَمَّا إِذَا آلَى ثُمَّ جُبَّ ذَكَرُهُ فَلَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ فِي الْجَبِّ مِنْ وَقْتِهِ، لِأَنَّهُ أَحَدُ عُيُوبِ الْأَزْوَاجِ الْمُوجِبَةِ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ أصابها قبل الجب أو لم يصيبها فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ إِذَا أَصَابَ قَبْلَ الْعُنَّةِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ لَهَا الفسخ لأن إصابة العنيين تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عُنَّتِهِ وَإِصَابَةَ الْمَجْبُوبِ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ جَبِّهِ، وَإِنْ فَسَخَتْ بِالْجَبِّ سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْ بِالْجَبِّ فَفِي سُقُوطِ الْإِيلَاءِ بِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْ سقط إيلاءه بِحُدُوثِ الْجَبِّ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَسْقُطُ إِذَا تَقَدَّمَ الْجَبُّ، فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِفَيْئَةٍ وَلَا طَلَاقٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ إِيلَاءَهُ لَا يَسْقُطُ إِذَا تَقَدَّمَ الْجَبَّ، فَعَلَى هَذَا يُسْتَكْمَلُ الْوَقْفُ ثُمَّ يُطَالَبُ بَعْدَهُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَفَيْئَتُهُ فَيْئَةُ مَعْذُورٍ بِاللِّسَانِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْهُمَا طلق عليه الحكم فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ كَالْفَحْلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute